والنسائي ، وأبو يعلى ، وابن جرير وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، والبيهقي في شعب الإيمان ، والضياء في المختارة عن عليّ قال : «سمعت رجلاً يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت : تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال : أوَلم يستغفر إبراهيم؟ فذكرت ذلك للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فنزلت : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ* وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (١)».
يظهر من هذه الرواية أنّ عدم جواز الاستغفار للمشركين كان أمراً معهوداً قبل نزول الآية ولذلك ردع عنه مولانا أمير المؤمنين الرجل ، وقوله عليهالسلام هذا لا يلائم استغفار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمّه على تقدير عدم إسلامه ، وترى الرجل ما استند في تبرير عمله إلى استغفار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمّه علماً بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يستغفر لمشرك قطّ.
قال السيّد زيني دحلان في أسنى المطالب (٢) (ص ١٨) : هذه الرواية صحيحة وقد وجدنا لها شاهداً برواية صحيحة من حديث ابن عبّاس قال : كانوا يستغفرون لآبائهم حتى نزلت هذه الآية ، فلمّا نزلت أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ولم ينهوا أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا ثمّ أنزل الله تعالى : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ) الآية يعني استغفر له ما دام حيّا فلمّا مات أمسك عن الاستغفار له ، قال : وهذا شاهد صحيح فحيث كانت هذه الرواية أصحّ كان العمل بها أرجح ، فالأرجح أنّها نزلت في استغفار أُناس لآبائهم المشركين لا في أبي طالب. انتهى.
ومنها : ما أخرجه (٣) ـ في سبب نزول آية الاستغفار ـ مسلم في صحيحه ،
__________________
(١) التوبة : ١١٣ ، ١١٤.
(٢) أسنى المطالب : ص ٤٥.
(٣) صحيح مسلم : ٢ / ٣٦٥ ح ١٠٦ كتاب الجنائز ، مسند أحمد : ٣ / ١٨٦ ح ٩٣٩٥ ، سنن أبي داود : ٣ / ٢١٨ ح ٣٢٣٤ ، السنن الكبرى : ١ / ٦٥٤ ح ٢١٦١ ، سنن أبن ماجة : ١ / ٥٠١ ح ١٥٧٢.