المحرّمات في قوله تعالى : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) (١) ، فقد حرّمت الجمع بينهما بأيّ صورة من نكاح أو ملك يمين. قال ابن كثير في تفسيره (١ / ٤٧٣) : وقد أجمع المسلمون على أنّ معنى قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ) إلى آخر الآية (٢) : أنّ النكاح وملك اليمين في هؤلاء كلّهنّ سواء ، وكذلك يجب أن يكون نظراً وقياساً الجمع بين الأُختين وأمّهات النساء والربائب ، وكذلك هو عند جمهورهم وهم الحجّة المحجوج بها على من خالفها وشذّ عنها. انتهى.
وقد تمسّك بهذا الإطلاق الصحابة والتابعون والعلماء وأئمّة الفتوى والمفسّرون ، وكان مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام يشدّد النكير على من يفعل ذلك ويقول : «لو كان لي من الأمر شيء ثمّ وجدت أحداً فعل ذلك لجعلته نكالاً». أو يقول للسائل : «إنّي أنهاك عنهما ولو جمعت بينهما ولي عليك سلطان عاقبتك عقوبة منكلة».
وروي عن إياس بن عامر أنّه قال : سألت عليّ بن أبي طالب فقلت : إنّ لي أُختين ممّا ملكت يميني اتّخذت إحداهما سريّة وولدت لي أولاداً ثمّ رغبت في الأخرى فما أصنع؟ قال : «تعتق التي كنت تطأ ثمّ تطأ الأخرى» ثمّ قال : «إنّه يحرم عليك ممّا ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله من الحرائر إلاّ العدد». أو قال : «إلاّ الأربع ، ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب» (٣).
ولو لم يكن في هذا المورد غير كلام الإمام عليهالسلام لنهض حجّة للفتوى ، فإنّه أعرف الأُمّة بمغازي الكتاب وموارد السنّة ، وهو باب علم النبيّ صلّى الله عليهما وآلهما وهو الذي خلّفه صلىاللهعليهوآلهوسلم عدلاً للكتاب ليتمسّكوا بهما فلا يضلّوا.
__________________
(١) النساء : ٢٣.
(٢) هي آية (وأَنْ تَجْمَعُوا بَينَ الأُخْتَينِ) (المؤلف)
(٣) أخرجه الجصّاص في أحكام القرآن : ٢ / ١٥٨ [٢ / ١٣٠] ، وأبو عمر في الاستذكار ، وذكره ابن كثير في تفسيره : ١ / ٤٧٢ ، والسيوطي في الدرّ المنثور : ٢ / ١٣٧ [٢ / ٤٧٦]. (المؤلف)