وقد أصفق على ذلك أئمّة أهل البيت من ولده ، وهم عترته صلىاللهعليهوآلهوسلم أعدال الكتاب وأبوهم سيّدهم ، وقولهم حجّة في كلّ باب.
وبهذه تعرف مقدار ما قد يعزى إلى أمير المؤمنين عليهالسلام من موافقته لعثمان في رأيه الشاذّ عن الكتاب والسنّة وقوله : أحلّتهما آية وحرّمتهما آية وحاشاه عليهالسلام من أن يختلف رأيه في حكم من أحكام الله ، غير أنّ رماة القول على عواهنه راقهم أن يهون على الأُمّة خطب عثمان فكذبوا عليه صلوات الله عليه واختلقوا عليه ، قال الجصّاص في أحكام القرآن (١) (٢ / ١٥٨) : قد روى إياس بن عامر أنّه قال لعليّ : إنّهم يقولون : إنّك تقول : أحلّتهما آية وحرّمتهما آية. فقال : «كذبوا».
ومن السنّة للمجمعين ما استدل به على الحرمة ابن نجيم في البحر الرائق (٣ / ٩٥) ، وملك العلماء في بدائع الصنائع (٢ / ٢٦٤) وغيرهما من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمعنّ ماءه في رحم أُختين».
المورد الثاني : هل هناك ما يخصّص الحرمة المستفادة من القرآن بالنسبة إلى ملك اليمين؟ يدّعي عثمان ذلك فقال : أحلّتهما آية وحرّمتهما آية. ولم يعيّن الآية المحلّلة كما يعيّنها غيره من السلف ، نعم ؛ أخرج عبد الرزّاق (٢) وابن أبي شيبة (٣) وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني من طريق ابن مسعود ؛ أنّه سُئل عن الرجل يجمع بين الأُختين الأمتين فكرهه ، فقيل : يقول الله تعالى : (إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ). فقال : وبعيرك أيضاً ممّا ملكت يمينك. وفي لفظ ابن حزم : إنّ حملك ممّا ملكت يمينك (٤).
__________________
(١) أحكام القرآن : ٢ / ١٣٠.
(٢) المصنّف : ٧ / ١٩٣ ح ١٢٧٤٢.
(٣) مصنّف ابن أبي شيبة : ٣ / ٣٠٦ ح ٣ باب ٥٠ من كتاب النكاح.
(٤) المحلّى لابن حزم : ٩ / ٥٢٤ ، تفسير ابن كثير : ١ / ٤٧٢ ، الدرّ المنثور : ٢ / ١٣٧ [٢ / ٤٧٦] نقلاً عن الحفّاظ المذكورين. (المؤلف)