فضله يوم القيامة» (٦) نعم كان في الجاهليّة يحمي الشريف منهم ما يروقه من قِطَع الأرض لمواشيه وإبله خاصّة فلا يشاركه فيه أحد وإن شاركهم هو في مراتعهم ، وكان هذا من مظاهر التجبّر السائد عندئذٍ ، فاكتسح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك فيما اكتسحه من عادات الطواغيت وتقاليد الجبابرة فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا حمى إلاّ لله ولرسوله» (٧).
وقال الشافعي في تفسير الحديث : كان الشريف من العرب في الجاهليّة إذا نزل بلداً في عشيرته استعوى كلباً ، فحمى لخاصّته مدى عُواء الكلب لا يشركه فيه غيره فلم يرعه معه أحد ، وكان شريك القوم في سائر المراتع حوله. قال : فنهى النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يُحمى على الناس حمى كما كانوا في الجاهليّة يفعلون. قال :
وقوله : إلاّ لله ولرسوله. يقول : إلاّ ما يُحمى لخيل المسلمين وركابهم التي تُرصد للجهاد ويُحمل عليها في سبيل الله وإبل الزكاة كما حمى عمر النقيع (٨) لنعم الصدقة والخيل المعدّة في سبيل الله (٩).
واستعمل عمر على الحمى مولى له يقال له هنّى فقال له : يا هنّى ضمّ جناحك للناس ، واتّقِ دعوة المظلوم فإنّ دعوة المظلوم مجابة ، وأدخل ربّ الصريمة وربّ الغنيمة ، وإيّاي ونعم ابن عفّان (١٠) ونعم ابن عوف فإنّهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى
__________________
(٦) توجد هذه الأحاديث في صحيح البخاري : ٣ / ١١٠ [٢ / ٨٣٠ ح ٢٢٢٦ و ٢٢٢٧] ، الأموال لأبي عبيد : ص ٢٩٦ [ص ٣٧٣ ح ٧٣١ و ٧٣٣] ، سنن أبي داود : ٢ / ١٠١ [٣ / ٢٧٧ ، ٢٧٨ ح ٣٤٧٣ ، ٣٤٧٧] ، سنن ابن ماجة : ٢ / ٩٤ [٢ / ٨٢٨ ح ٢٤٧٨]. (المؤلف)
(٧) صحيح البخاري : ٣ / ١١٣ [٢ / ٨٣٥ ح ٢٢٤١] ، الأموال لأبي عبيد : ص ٢٩٤ [ص ٣٧٢ ح ٧٢٨] ، كتاب الأُم للشافعي : ٣ / ٢٠٧ [٤ / ٤٧] وفي الأخيرين تفصيل ضافٍ حول المسألة. (المؤلف)
(٨) على عشرين فرسخاً أو نحو ذلك من المدينة. معجم البلدان [٥ / ٣٠١]. (المؤلف)
(٩) راجع كتاب الأُم : ٣ / ٢٠٨ [٤ / ٤٧] ، معجم البلدان : ٣ / ٣٤٧ [٥ / ٣٠١] ، نهاية ابن الأثير : ١ / ٢٩٧ [١ / ٤٤٧] ، لسان العرب : ١٨ / ٢١٧ [٣ / ٣٤٨] ، تاج العروس : ١٠ / ٩٩. (المؤلف)
(١٠) في لفظ أبي عبيد : ودعني من نعم ابن عفّان. بدل : وإيّاي ونعم ابن عفّان. (المؤلف)