كان يصل رحمه بمال يستوي فيه المسلمون كلّهم ، ولكلّ فرد من الملأ الدينيّ منه حقّ معلوم للسائل والمحروم ، لا يسوغ في شرعة الحقّ وناموس الإسلام المقدّس حرمان أحد من نصيبه وإعطاء حقّه لغيره من دون مرضاته.
جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الغنائم : «لله خمسه وأربعة أخماس للجيش ، وما أحد أولى به من أحد ، ولا السهم تستخرجه من جنبك ، ليس أنت أحقّ به من أخيك المسلم» (١).
وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا جاءه فيء قسّمه من يومه فأعطى ذا الأهل حظّين ، وأعطى العزب حظّا (٢).
والسنّة الثابتة في الصدقات أنّ أهل كلّ بيئة أحقّ بصدقتهم ما دام فيهم ذو حاجة ، وليس الولاية على الصدقات للجباية وحملها إلى عاصمة الخلافة وإنّما هي للأخذ من الأغنياء والصرف في فقراء محالّها ، وقد ورد في وصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم معاذاً حين بعثه إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام والصلاة أنّه قال : «فإذا أقرُّوا لك بذلك فقل لهم : إنّ الله قد فرض عليكم صدقة أموالكم تُؤخذ من أغنيائكم فتردّ في فقرائكم» (٣).
قال عمرو بن شعيب : إنّ معاذ بن جبل لم يزل بالجند إذ بعثه رسول الله إلى اليمن حتى مات النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبو بكر ، ثمّ قدم على عمر فردّه على ما كان عليه فبعث
__________________
(١) سنن البيهقي : ٦ / ٣٢٤ ، ٣٣٦. (المؤلف)
(٢) سنن أبي داود : ٢ / ٢٥ [٣ / ١٣٦ ح ٢٩٥٣] ، مسند أحمد : ٦ / ٢٩ [٧ / ٤٥ ح ٢٣٤٨٤] ، سنن البيهقي : ٦ / ٣٤٦. (المؤلف)
(٣) صحيح البخاري : ٣ / ٢١٥ [٢ / ٥٠٥ ح ١٣٣١] ، الأموال لأبي عبيد : ص ٥٨٠ ، ٥٩٥ ، ٦١٢ [ص ٦٩٣ ح ١٨٥٢ ، ص ٧٠٩ ح ١٩٠٨ ، ص ٧٢٨ ح ١٩٩٠] ، المحلّى : ٦ / ١٤٦ [مسألة ٧١٩]. (المؤلف)