الساعي ولا شيء معه منها ، بذلك جاءت الأحاديث مفسّرة. ثمّ ذكر أحاديث فقال (١) (ص ٥٩٧) : قال أبو عبيد : فكلّ هذه الأحاديث تثبت أنّ كلّ قوم أولى بصدقتهم حتى يستغنوا عنها ، ونرى استحقاقهم ذلك دون غيرهم إنّما جاءت به السنّة لحرمة الجوار وقُرب دارهم من دار الأغنياء. انتهى.
ألم يكن في قضاعة ذو حاجة فيُعطى؟ أو لم يكن في المدينة الطيّبة من فقراء المسلمين أحد فيقسّم ذلك المال الطائل بينهم بالسويّة؟ (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) (٢). الآية. فتخصيصها للحَكَم لما ذا؟
وهلمّ معي إلى المسكين صاحب المال تُؤخذ منه الصدقات شاء أو أبى وهو يعلم مَصبّ تلكم الأموال ومدرّها من أيدي أولئك الجبابرة أو الجباة ـ نظراء الحكم ومروان والوليد وسعيد ـ وما يرتكبونه من فجور ومجون ، وبعد لم ينقطع من أذنه صدى ما ارتكبه خالد بن الوليد سيف .. مع مالك بن نويرة وحليلته وذويه وما يملكه ، وكان يسمع من وحي الكتاب قوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) (٣) ، فهل يرى المسكين أنّ هذا الأخذ يطهّره ويزكّيه؟ لا حكم إلاّ لله.
نعم ، يقول المغيرة بن شعبة ـ زاني ثقيف ـ : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمرنا أن ندفعها إليهم وعليهم حسابهم (٤) ويقول ابن عمر : ادفعوها إليهم وإن شربوا بها الخمر. ويقول : ادفعها إلى الأمراء وإن تمزّعوا بها لحوم الكلاب على موائدهم (٥).
نحن لا نقيم لأمثال هذه الآراء وزناً ، ولا أحسب أنّ الباحث يقدّر لها قيمة.
__________________
(١) الأموال : ص ٧١١ ح ١٩١٦.
(٢) التوبة : ٦٠.
(٣) التوبة : ١٠٣.
(٤) سنن البيهقي : ٤ / ١١٥. (المؤلف)
(٥) سنن البيهقي : ٤ / ١١٥ ، الأموال لأبي عبيد : ص ٥٧٠ [ص ٦٨١ ح ١٧٩٩]. (المؤلف)