فإنّها ولائد ظنون مجرّدة ، وقد جاء في أولئك الأُمراء بإسناد صحّحه الحاكم والذهبي من طريق جابر بن عبد الله قال : قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لكعب بن عجرة : «أعاذك الله يا كعب من إمارة السفهاء». قال : وما إمارة السفهاء يا رسول الله؟ قال : «أمراء يكونون بعدي لا يهدون بهديي ولا يستنّون بسنّتي ، فمن صدّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا منّي ولست منهم ، ولا يردون عليّ (١) حوضي ، ومن لم يصدّقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك منّي وأنا منهم وسيردون على حوضي» (٢).
فإعطاء الصدقات لأولئك الأمراء من أظهر مصاديق الإعانة على الإثم والعدوان والله تعالى يقول : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) (٣).
ثم إنّ الصدقات كضرائب ماليّة في أموال الأغنياء لإعاشة الضعفاء من الأُمّة. قال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : «إنّ الله عزّ وجلّ فرض على الأغنياء في أموالهم ما يكفي الفقراء ، فإن جاعوا أو عروا أو جهدوا فبمنع الأغنياء ، وحقّ على الله تبارك وتعالى أن يحاسبهم ويعذّبهم». الأموال لأبي عبيد (٤) (ص ٥٩٥) ، المحلّى لابن حزم (٦ / ١٥٨) ، وأخرجه الخطيب في تاريخه (٥ / ٣٠٨) من طريق عليّ مرفوعاً.
وفي لفظ : «إنّ الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء ، فما جاع فقير إلاّ بما متّع به غنيّ ، والله سائلهم عن ذلك» نهج البلاغة (٥) (٢ / ٢١٤).
هذا هو مجرى الصدقات في الشريعة المطهّرة ، وهو الذي يطهّر صاحب المال
__________________
(١) في المصدر : على.
(٢) مستدرك الحاكم : ٤ / ٤٢٢ [٤ / ٤٦٨ ح ٨٣٠٢ وكذا في التلخيص]. (المؤلف)
(٣) المائدة : ٢.
(٤) الأموال : ص ٧٠٩ ح ١٩١٠.
(٥) نهج البلاغة : ص ٥٣٣ رقم ٣٢٨.