٢ ـ هبته إبل الصدقة إيّاه وحده.
٣ ـ إقطاعه إيّاه ما تصدّق به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على عامّة المسلمين.
أنا لا أدري بما ذا استحقّ الرجل هذه الأعطيات الجزيلة؟ وكيف خصّ به ما تصدّق به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على كافّة أهل الإسلام ، وحرمه الباقون؟ ولو كان الخليفة موفّراً عليه بهذه الكمّية من مال أبيه لاستكثر ذلك نظراً إلى حاجة المسلمين وجيوشهم ومرابطيهم ، فكيف به وقد وهبه ما لا يملك من مال المسلمين ومن الأوقاف والصدقات؟ وما كان الرجل يعرف بشيء من الأعمال البارّة والمساعي المشكورة في سبيل الدعوة الإلهيّة وخدمة المجتمع الديني حتى يحتمل فيه استحقاق زيادة في عطائه ، وهب أنّا نجّزنا ذلك الاستحقاق لكنّه لا يعدو أن يكون مخرج الزيادة ممّا يسوغ للخليفة التصرّف فيه ، لا ممّا لا يجوز تبديله من إقطاع ما تصدّق به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وجعله وقفاً عامّا على المسلمين لا يخصُّ به واحد دون آخر ، (بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) (١).
فلم يبق مبرّر لتلكم الصنائع أو الفجائع إلاّ الصهر بينه وبين الخليفة والنسب لأنّه ابن عمّه. ولك حقّ النظر في صنيع كلّ من الخليفتين : ١ ـ عثمان ؛ وقد علمت ما ارتكبه هاهنا وفي غيره. ٢ ـ مولانا عليّ عليهالسلام ؛ يوم جاءه عقيل يستميحه صاعاً من البُرّ للتوسيع له ولعياله ممّا قدّر له في العطاء ، فأدّى عليهالسلام ما هو حقُّ الأُخوّة والتربية ، ولا سيّما في مثل عقيل من الأشراف والأعاظم الذين يجب فيهم التهذيب أكثر من غيرهم ، فأدنى إليه الحديدة المحماة فتأوّه فقال عليهالسلام : «تجزع من هذه وتعرّضني لنار جهنّم؟» (٢).
وفي رواية ابن الأثير في أُسد الغابة (٣) (٣ / ٤٢٣) من طريق سعد : أنّ عقيل بن
__________________
(١) البقرة : ١٨١.
(٢) الصواعق لابن حجر : ص ٧٩ [ص ١٣٢]. (المؤلف)
(٣) أُسد الغابة : ٤ / ٦٥ رقم ٣٧٢٦.