وذكر أبو عمر في الاستيعاب (١) وابن حجر في الإصابة (٢) حديث عبد الله بن أرقم في ترجمته وردّه ما بعث إليه عثمان من ثلاثمائة ألف. وفي رواية الواقدي : قال عبد الله : مالي إليه حاجة وما عملت لأن يثيبني عثمان ، والله لئن كان هذا من مال المسلمين ما بلغ قدر عملي أن أُعطى ثلاثمائة ألف درهم ، ولئن كان من مال عثمان ما أُحبّ أن آخذ من ماله شيئاً.
وقال اليعقوبي في تاريخه (٣) (٢ / ١٤٥) : زوّج عثمان ابنته من عبد الله بن خالد بن أُسيد وأمر له بستمائة ألف درهم ، وكتب إلى عبد الله بن عامر أن يدفعها إليه من بيت مال البصرة.
قال الأميني : أنا لا أدري هل قرّرت الشريعة لبيت مال المسلمين حساباً وعدداً؟ أو أنّها أمرت أن يُكال ويوزن لأيّ أحد بغير حساب؟ إذن فمن ذا الذي أمرته بالقسمة على السويّة ، والعدل في الرعيّة؟ لقد بلغ الفوضى في الأموال على عهد هذا الخليفة حدّا لم يسطع معه أمناؤه على بيت المال أن يستمرّوا على عملهم ، فكانوا يلقون مفاتيحه إليه لما كانوا يجدونه من عدم تمكّنهم من الجري على النواميس المطّردة في الأموال الثابتة في السنّة الشريفة ، ولا على ما مضى الأوّلان عليه من الحصول على مرضاة العامّة في تقسيمها ، فرأوا التنصّل من هذه الوظيفة أهون عليهم من تحمّل تبعاتها الوبيلة ، وقد ناقشوا الحساب فلم يجدوا لعبد الله بن خالد أيّ جدارة للتخصّص بهذه الكمّيات ، فهو لو عُدّ في عداد غيرهم لم يحظ بغير عطائه زنة أعطيات المسلمين ، لكن صهر الخلافة والاتّصال بالنسب الأمويّ لعلّهما يبرّران ما هو فوق الناموس الماليّ المطّرد في الشريعة!
__________________
(١) الاستيعاب : القسم الثالث / ٨٦٦ رقم ١٤٦٩.
(٢) الإصابة : ٢ / ٢٧٤ رقم ٤٥٢٥.
(٣) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٦٨.