أبي سرح. وسيأتي تمام الخبر وكتاب عثمان إلى ابن أبي سرح يأمره بالتنكيل بالقوم.
قال الأميني : ابن أبي سرح هذا هو الذي أسلم قبل الفتح وهاجر ثمّ ارتدّ مشركاً وصار إلى قريش بمكة ، فقال لهم : إنّي أضرب محمداً حيث أُريد. فلمّا كان يوم الفتح أمر صلىاللهعليهوآلهوسلم بقتله وأباح دمه ولو وجد تحت أستار الكعبة ، ففرّ إلى عثمان فغيّبه حتى أتى به رسول الله بعد ما اطمأنّ أهل مكة فاستأمنه له ، فصمت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم طويلاً. ثمّ قال : «نعم» فلمّا انصرف عثمان قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن حوله : «ما صمتُّ إلاّ ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه» وقال رجل من الأنصار : فهلاّ أومأت إليّ يا رسول الله؟ فقال : «إنّ النبيّ لا ينبغي أن يكون له خائنة الأعين» (١).
ونزل القرآن بكفره في قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) الآية (٢).
أطبق المفسّرون على أنّ المراد بقوله : سأُنزل مثل ما أنزل الله هو عبد الله بن أبي سرح وسبب ذلك فيما ذكروه : أنّه لمّا نزلت الآية التي في المؤمنين (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (٣). دعاه النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فأملاها عليه ، فلمّا انتهى إلى قوله : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) (٤) عجب عبد الله في تفصيل خلق الإنسان فقال : تَبارَكَ اللهُ أحسَنُ الخَالِقِين ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هكذا أُنزلت عليّ» ، فشكّ عبد الله حينئذٍ وقال : لئن كان محمد صادقاً لقد أوحي إليّ كما أُوحي إليه ، وإن كان كاذباً لقد قلت كما
__________________
(١) سنن أبي داود : ٢ / ٢٢٠ [٤ / ١٢٨ ح ٤٣٥٩] ، أنساب البلاذري : ٥ / ٤٩ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٠٠ [٣ / ١٠٧] ، الاستيعاب : ١ / ٣٨١ [القسم الثالث / ٩١٨ رقم ١٥٥٣] ، تفسير القرطبي : ٧ / ٤٠ [٧ / ٢٨] ، أُسد الغابة : ٣ / ١٧٣ [٣ / ٢٥٩ رقم ٢٩٧٤] ، الإصابة : ٢ / ٣١٧ [رقم ٤٧١١] ، تفسير الشوكاني : ٢ / ١٣٤ [٢ / ١٤١]. (المؤلف)
(٢) الأنعام : ٩٣.
(٣) المؤمنون : ١٢.
(٤) ٢٠