ومنها : عن أبي هريرة مرفوعاً في حديث : «شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلاّ الله مخلصاً ، وأنّ محمداً رسول الله ، يصدّق لسانه قلبه وقلبه لسانه». رواه أحمد (١) وابن حبّان في صحيحه (٢).
ومنها : ما مرّ في (ص ١٣) من طريق أبي هريرة وابن عبّاس من أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا ربّه واستأذنه أن يستغفر لأُمّه ويأذن له في شفاعتها يوم القيامة فأبى أن يأذن.
وقال السهيلي في الروض الأُنف (٣) (١ / ١١٣) : وفي الصحيح أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : أستأذنت ربّي في زيارة قبر أمّي فأذن لي ، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي. وفي مسند البزّار من حديث بريدة أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حين أراد أن يستغفر لأُمّه ضرب جبريل عليهالسلام في صدره وقال له : لا تستغفر لمن كان مشركاً ، فرجع وهو حزين (٤).
فالمنفيّ في صورة انتفاء الشهادة جنس الشفاعة بمعنى عدمها كلّية لعدم أهليّة الكافر لها حتى في بعض مراتب العذاب ، فالشفاعة للتخفيف في العذاب من مراتبها المنفيّة ، كما أنّها نفيت كذلك في كتاب الله العزيز بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) فاطر : ٣٦.
وبقوله تعالى : (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) النحل : ٨٥.
وبقوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) البقرة : ١٦٢ ، آل عمران : ٨٨.
__________________
(١) مسند أحمد : ٣ / ٣٢٣ ح ١٠٣٣٥.
(٢) الإحسان في تقريب ابن حبّان : ١٤ / ٣٨٤ ح ٦٤٦٦.
(٣) الروض الأُنف : ٢ / ١٨٥.
(٤) نحن لا نقيم لمثل هذه الرواية وزناً ولا كرامة ، غير أنّ خضوع القوم لها يلجئنا إلى الحجاج بها. (المؤلف)