ومن طريق محمد بن سمعان قال : قيل لعثمان : أنّ أبا ذر يقول : إنّك أخرجته إلى الربذة. فقال : سبحان الله ما كان من هذا شيء قطُّ ، وإنّي لأعرف فضله ، وقديم إسلامه ، وما كنّا نعدُّ في أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أكلّ شوكة منه.
ومن طريق كميل بن زياد قال : كنت بالمدينة حين أمر عثمان أبا ذر باللحاق بالشام ، وكنت بها في العام المقبل حين سيّره إلى الربذة.
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : تكلّم أبو ذر بشيء كرهه (١) عثمان فكذّبه (٢) فقال : ما ظننت أنّ أحداً يكذّبني بعد قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما أقلّت الغبراء وما أطبقت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر» ، ثمّ سيّره إلى الربذة فكان أبو ذر يقول : ما ترك الحقُّ لي صديقاً. فلمّا سار إلى الربذة قال : ردّني عثمان بعد الهجرة أعرابيّا.
قال : وشيّع عليّ أبا ذر ، فأراد مروان منعه منه فضرب عليّ بسوطه بين أُذني راحلته ، وجرى بين عليّ وعثمان في ذلك كلام حتى قال عثمان : ما أنت بأفضل عندي منه. وتغالظا فأنكر الناس قول عثمان ودخلوا بينهما حتى اصطلحا.
وقد روي أيضاً : أنه لمّا بلغ عثمان موت أبي ذر بالربذة قال : رحمهالله. فقال عمّار بن ياسر : نعم ، فرحمهالله من كلّ أنفسنا. فقال عثمان : يا عاضّ أير أبيه أتراني ندمت على تسييره؟ يأتي تمام الحديث في ذكر مواقف عمّار.
ومن طريق ابن حراش الكعبي (٣) قال : وجدت أبا ذر بالربذة في مظلّة شعرٍ فقال : ما زال بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لم يترك الحقُّ لي صديقاً.
__________________
(١) في رواية الواقدي ، والمسعودي [في مروج الذهب ٢ / ٣٥٨] كما يأتي أنه قال : لسمعت رسول الله يقول : «إذا بلغ بنو أبي العاصّ ثلاثين رجلاً ...» الحديث. (المؤلف)
(٢) في لفظ الواقدي : قال عثمان : ويلك يا أبا ذر أتكذب على رسول الله؟ (المؤلف)
(٣) طبقات ابن سعد ٤ / ٢٣٦ : عبد الله بن خراش الكعبي.