ومن طريق الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : قلت لأبي ذرّ : ما أنزلك الربذة؟ قال : النصح لعثمان ومعاوية.
ومن طريق بشر بن حوشب الفزاري عن أبيه قال : كان أهلي بالشربّة (١) فجلبت غنماً لي إلى المدينة فمررت بالربذة وإذا بها شيخ أبيض الرأس واللحية. قلت : من هذا؟ قالوا : أبو ذرّ صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وإذا هو في حِفش (٢) ومعه قطعة من غنم فقلت : والله ما هذا البلد بمحلّة لبني غفار. فقال : أُخرجت كارهاً. فقال بشر بن حوشب : فحدّثت بهذا الحديث سعيد بن المسيب فأنكر أن يكون عثمان أخرجه وقال : إنّما خرج أبو ذر إليها راغباً في سكناها (٣).
وأخرج البخاري في صحيحه (٤) من حديث زيد بن وهب قال : مررت بالربذة فقلت لأبي ذر : ما أنزلك [منزلك] هذا؟ قال : كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) فقال : نزلت في أهل الكتاب. فقلت : [نزلت] فينا وفيهم. فكتب يشكوني إلى عثمان ، فكتب عثمان : اقدم المدينة. فقدمت فكثر الناس عليّ كأنّهم لم يروني قبل ذلك ، فذكر [ت] ذلك لعثمان فقال : إن شئت تنحّيت فكنت قريباً. فذلك الذي أنزلني هذا المنزل.
قال ابن حجر في فتح الباري (٥) في شرح الحديث : وفي رواية الطبري أنّهم كثروا عليه يسألونه عن سبب خروجه من الشام ، فخشي عثمان على أهل المدينة
__________________
(١) الشربّة ـ بفتح أوّله وثانيه وتشديد الموحدة ـ : موضع بين السليلة والربذة في طريق مكة. (المؤلف)
(٢) الحفش ـ بكسر المهملة ـ : البيت الصغير ، أو هو من الشعر. (المؤلف)
(٣) أنظر إلى ابن المسيّب يكذّب أبا ذر لتبرير عثمان من تسييره ، ولا يكترث لاستلزامه تكذيب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسيوافيك البحث عنه. (المؤلف)
(٤) صحيح البخاري : ٢ / ٥٠٩ ح ١٣٤١. وما بين المعقوفات منه.
(٥) فتح الباري : ٣ / ٢٧٥.