ويبهظه تأديب عبيد الله بن عمر على قتل النفوس المحترمة.
ويبهظه تأديب مروان وهو يتّهمه بالكتاب المزوّر عليه.
ويبهظه تأديب الوقاح المستهتر المغيرة بن الأخنس وهو يقول له : أنا أكفيك عليّ بن أبي طالب. فأجابه الإمام بقوله : «يا ابن اللعين الأبتر والشجرة التي لا أصل لها ولا فرع ، أنت تكفيني؟! فو الله ما أعزّ الله من أنت ناصره (١)» إلخ.
ما بال الخليفة يطرد أبا ذر ويردفه بصلحاء آخرين ، ويرى الإمام الطاهر أمير المؤمنين أحقّ بالنفي منهم (٢) ويؤوي طريد رسول الله الحكم وابنه ويرفدهما وهما هما؟
ما بال الخليفة يخوّل مروان مهمّات المجتمع ، ويلقي إليه مقاليد الصالح العام؟ ولم يُصخ إلى قول صالح الأُمّة مولانا أمير المؤمنين له : «أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلاّ بتحرّفك عن دينك وعن عقلك مثل جمل الضعينة يُقاد حيث يُسار به؟ والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا في نفسه ، وايم الله إنّي لأراه سيوردك ثمّ لا يُصدرك ، وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك ، أذهبت شرفك ، وغُلِبت على أمرك» يأتي تمام الحديث في الجزء التاسع إن شاء الله تعالى.
ما بال الخليفة يعطي مروان أزمّة أُموره ويشذّ عن السيرة الصالحة حتى توبّخه زوجته نائلة بنت الفرافصة؟ وتقول : قد أطعت مروان يقودك حيث شاء ، قال : فما أصنع؟ قالت. تتقي الله وتتّبع سنّة صاحبيك ، فإنّك متى أطعت مروان قتلك ، ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبّة ، وإنّما تركك الناس لمكانه ، فأرسل إلى عليّ فاستصلحه ، فإنّ له قرابة وهو لا يعصى (٣). ليت الخليفة كانت له أُذن واعية تسمع
__________________
(١) نهج البلاغة : ١ / ٢٥٣ [ص ١٩٣ خطبة ١٣٥]. (المؤلف)
(٢) سيوافيك حديثه في مواقف عمّار إن شاء الله تعالى. (المؤلف)
(٣) تاريخ الطبري : ٥ / ١١٢ [٤ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣ حوادث سنة ٣٥ ه] ، الكامل لابن الأثير : ٣ / ٦٩ [٢ / ٢٨٥ حوادث سنة ٣٥ ه]. (المؤلف)