وعثمان وغيرهما في تسيير عثمان إيّاه ، أضف إليها الأعذار الباردة الواردة عن أعلام القوم فى تبرير عثمان عن هذا الوزر الشائن.
٤ ـ وأمّا ما ذكره من أمر عثمان أبا ذر أن يتعاهد المدينة حتى لا يرتدّ أعرابيّا فإنّه من جملة تلك الرواية المكذوبة التي تشتمل على حديث سلع ، وقد مرّ من طريق البلاذري بإسناد صحيح في (ص ٢٩٤) قول أبي ذر : ردّني عثمان بعد الهجرة أعرابيّا. على أنّه لم يذكر أحد أنّ أبا ذر قدم المدينة خلال أيّام نفيه من سنة ثلاثين إلى وفاته سنة اثنتين وثلاثين حتى يكون ممتثلاً لأمر عثمان بالتعاهد.
٥ ـ ما ذكره من أنّه جاء في فضله أحاديث كثيرة من أشهرها ... إلخ.
إنّ شنشنة الرجل في الفضائل أنّه إذا قدم لسرد تاريخ من يهواه من الأمويّين ومن انضوى إليهم من روّاد النهم جاء بأشياء كثيرة وسرد التافه الموضوع في صورة الصحاح من غير تعرّض لإسنادها أو تعقيب لمضامينها ، ولا يملّ من تسطيرها وإن سوّدت أضابير من القراطيس ، لكنّه إذا وصلت النوبة إلى ذكر فضل أحد من أهل البيت أو شيعتهم وبطانتهم من عظماء الأُمّة وصلحائها كأبي ذر تضيق عليه الأرض برحبها ، وتلكّأ وتلعثم كأنّ في لسانه عقلة وفي شفتيه عقدة ، أو أنّه كان في أُذنه وقر عن سماعها فلم تُنهَ إليه ؛ وإن اضطرّته الحالة إلى ذكر شيء منها جاء به في صورة مصغّرة ، كما تجده هاهنا حيث جعل ما هو من أشهر فضائل أبي ذر ضعيفاً ، وهو يعلم أنّ طريق هذا الإسناد ليس منحصراً بما ذكره هو من طريق ابن عمرو الذي أخرجه ابن سعد والترمذي وابن ماجة والحاكم ، وإنّما جاء من طريق عليّ أمير المؤمنين وأبي ذر وأبي الدرداء وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر وأبي هريرة ؛ وحسّن الترمذي غير واحد من طرقه في صحيحه (١) (٢ / ٢٢١).
__________________
(١) سنن الترمذي : ٥ / ٦٢٨ ح ٣٨٠١ ، ٣٨٠٢.