وسنفصّل القول عنها تفصيلاً إن شاء الله تعالى.
٢ ـ إنّه حسب نزوله الشام وهبوطه الربذة بخيرة منه بعد ما أوعز إلى أنّ عثمان أمره بالمقام بالربذة ، أمّا حديث الربذة فقد أوقفناك آنفاً على أنّه كان منفيّا إليها ، وأخرج من مدينة الرسول بصورة منكرة ، ووقع هنالك ما وقع بين عليّ عليهالسلام ومروان ، وبينه وبين عثمان ، وبين عثمان وبين عمّار ، واعتراف عثمان بتسييره ، وتسجيل عليّ أمير المؤمنين عليه ذلك ، وسماع غير واحد من أبي ذر الصادق نفسه حديثه ، وأنّ عثمان جعله أعرابيّا بعد الهجرة ، وهو مقتضى إعلام النبوّة في إخبار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إيّاه بأنّه سوف يُخرَج من المدينة ، ويُطرد من مكة والشام ، وأمّا خبر الشام فقد مرّ إخراجه إليها ولم يكن ذلك باختياره أيضاً.
٣ ـ وأمّا حديث بلوغ البناء سلعاً فإفك مفترىً على أُمّ ذر ، وقد جاء في مستدرك الحاكم (١) (٣ / ٣٤٤) ، وذكره البلاذري كما مرّ في (ص ٢٩٣) ورآه سبب خروج أبي ذر إلى الشام بإذن عثمان لا سبب خروجه إلى الربذة كما في حديث الطبري.
على أنّ ابن كثير أخذه من الطبري في التاريخ ، وجلّ ما عنده إنّما هو ملخّص ما فيه مع التصرّف فيه على ما يروقه ، وإسناد الرواية في التاريخ رجاله بين كذّاب وضّاع وبين مجهول لا يُعرَف إلى ضعيف متّهم بالزندقة كما أسلفناه في (ص ٨٤ ، ١٤٠ ، ١٤١ ، ٣٢٧) وهم :
١ ـ السريّ. ٢ ـ شعيب. ٣ ـ سيف. ٤ ـ عطيّة. ٥ ـ يزيد الفقعسي.
وحديث يكون في إسناده أحد هؤلاء لا يعوّل عليه ، وعلى فرض اعتباره فإنّه لا يقاوم الصحاح المعارضة له الدالّة على إخبار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه يُخرَج ويُطرَد من مكّة والمدينة والشام. راجع (ص ٣١٦ ـ ٣١٩) وهي معتضدة بما مرّ عن أبي ذر
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٣٨٧ ح ٥٤٦٨.