يرفع أبو ذر عقيرته على بابه كلّ يوم ويتلو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ). وكان يرى الأموال تُجبى إليه فيقول : جاءت القطار تحمل النار.
وكمروان الذي كان إحدى منائح عثمان له خمس إفريقية وهو خمسمائة ألف دينار.
وكعبد الرحمن بن عوف ، وقد خلّف ذهباً قُطّع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال منه ، وترك أربع نسوة فأصاب كلَّ امرأة ثمانون ألفاً ، فتكون ثروته من هذا الذهب المكنوز فحسب ما مرّ في صفحة (٢٨٤).
وكزيد بن ثابت المخلّف من الذهب والفضّة غير الأموال المكردسة والضياع العامرة ما كان يُكسر عند تقسيمه بالفؤوس.
وكطلحة التارك بعده مائة بُهار في كلّ بهار ثلاث قناطر ذهب ـ والبُهار جلد ثور ـ وهذه هي التي قال عثمان فيها : ويلي على ابن الحضرميّة ـ يعني طلحة ـ أعطيته كذا وكذا بُهاراً ذهباً ، وهو يروم دمي يحرّض على نفسي (١) أو طلحة التارك مائة جمل ذهباً كما مرّ عن ابن الجوزي.
وأمثال هؤلاء البخلاء على المجتمع الديني ، وهو يرى أنّ خليفة الوقت يأتيه أبو موسى بكيلة ذهب وفضّة فيقسمها بين نسائه وبناته من دون أيّ اكتراث لمخالفة السنّة الشريفة ، وهو يعلم الكمّية المدّخرة من النقود التي نهبت يوم الدار : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (٢).
__________________
(١) شرح ابن أبي الحديد : ٢ / ٤٠٤ [٩ / ٣٥ خطبة ١٣٧]. (المؤلف)
(٢) آل عمران : ١٤.