وتنفرد الشيوعيّة عن بقيّة الاشتراكيّين بأمرين :
أحدهما : إلغاء الملكيّة الخاصّة إلغاءً نهائيّا من غير فرق بين ثروات الإنتاج وثروات الاستهلاك.
وثانيهما : توزيعها المال بين الأفراد لكلّ على حسب حاجته ، ويستخدم من كلّ على حسب قدرته ، فيكلّف العامل بالعمل على قدر استطاعته ، ويدرّ عليه المعاش بما يسدّ حاجته.
فعلينا هاهنا أن نعيد ذكر ما هتف به أبو ذر في شتّى مواقفه ، وما رواه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في باب الأموال ، وما قال في حقّه عظماء الصحابة من الإطراء له والدفاع عنه بعد هتافه بما هتف ، وما يؤثر فيه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الثناء الجميل وعهده إليه بما ينتابه من النكبات. فننظر إليها نظرة مُستشفّ للحقيقة فنرى هل ينطبق شيء منها على موادّ الشيوعيّة والاشتراكيّة؟ أو ينحسر عنه ذلك الإفك المفترى داحراً إلى حضيض البهت والافتراء.
إنّ من قول أبي ذر لعثمان : ويحك يا عثمان أما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورأيت أبا بكر وعمر ؛ هل رأيت هذا هديهم؟ إنك لتبطش بي بطش جبّار.
ومن قوله له أيضاً : اتّبع سنّة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام. قال عثمان : مالك وذلك لا أُمّ لك؟ قال أبو ذر : والله ما وجدت لي عذراً إلاّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
تجد أبا ذر هاهنا يلفت نظر عثمان إلى عهد الرسالة ثمّ إلى عهد الشيخين ويدعوه إلى اتّباع تلكم السير ؛ ومن جليّة الحال عند هاتيك الأدوار الثلاثة اطّراد الملكيّة الخاصّة ، ووجود أهل اليسار من الملاّكين والتجّار ؛ وحرّيتهم في ثروتي الإنتاج والاستهلاك ، واختصاص كلّ ماليّة من نقود أو عقار أو ضياع أو مصانع أو