لها شأن كبير ، وفي الكلمة صراحة بأنّ غضب أبي ذر كان لله فعليه أن يرجو من غضب له ، وهو فرع رضا الله سبحانه على ما ناء به ودعا إليه ، وأنّ ما لهج به ممّا أغضب القوم كانت كلمة دينيّة محضة تجاه الدنيويّة المحضة التي خافها أبو ذر على دينه وخافها القوم على دنياهم ، فامتحنوه بالقلى ونفوه إلى الفلا ، وأنّه هو الرابح غداً ، وإنّما القوم حاسدوه ، وأيّ من هذه تلتئم مع الشيوعيّة التي هي مادّية محضة ليس بينها وبين مرضاة الله تعالى أيّ صلة؟
أتحسب أنّ مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام أطرى أبا ذر بهذا الإطراء البالغ ويقول في كلمته الأخرى لعثمان : «اتّق الله سيّرت رجلاً صالحاً من المسلمين فهلك في تسييرك» ، فيراه صالحاً ويرى هلاكه في ذلك التسيير حوباً لا يصدر من المتّقي ، إنّه أطراه وهو غير مستشفّ لنظريّته؟ ولا عارف بنفسيّته وهو كروحه التي بين جنبيه؟ أو أنّه يوافقه على المذهب الشيوعيّ؟ أو أنّه يراغم أعداءه مع حيطته بباطله؟ وقد قال لعثمان ـ وهو الصادق الأمين ـ : والله ما أردت مساءتك ولا الخلاف عليك ولكن أردت به قضاء حقّه. وأيّ حقّ للشيوعيّ مُتحرّي الفساد في الجامعة وباخس حقوق الأُمّة؟ وإنّما الحقّ للمؤمن الكامل في نفسه ، المحقّ في دعائه ، الصالح في رأيه.
وهناك ما هو أصرح من ذلك في كون أبي ذر محقّا وأنّ نظريّة من خالفه من الباطل المحض ، وه وقول الإمام في ذيل كلمته في توديع أبي ذر : «يا أبا ذر لا يؤنسنّك إلاّ الحقّ ، ولا يوحشنّك إلاّ الباطل». وأيّ اشتراكيّ يكون هكذا؟ نعوذ بالله من السفاسف.
أضف إلى كلمة الإمام قول ولده الإمام الزكيّ السبط المجتبى أبي محمد الحسن لأبي ذر : «قد أتى من القوم إليك ما ترى فضع عنك الدنيا بتذكّر فراغها ، واصبر حتى تلقى نبيّك وهو عنك راض». راجع (ص ٣٠١).
فترى الإمام المعصوم يتذمّر ممّا أصاب أبا ذر من القوم ، ويأمره بالصبر المقابل