وعنه (١) قال : قال عليّ : قدّم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا بكر يصلّي بالناس وقد رأى مكاني وما كنت غائباً ولا مريضاً ، ولو أراد أن يقدّمني لقدّمني ، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لديننا.
وعن قيس بن عبادة ، قال : قال لي عليّ بن أبي طالب : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مرض ليالي وأيّاماً ينادي بالصلاة فيقول : مروا أبا بكر فليصلّ بالناس ، فلمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نظرت فإذا الصلاة علم الإسلام ، وقوام الدين ، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لديننا فبايعنا.
قال الأميني : ما أجرأ الحفّاظ على رواية هذه الأكاذيب الفاحشة ، وإغراء بسطاء الأُمّة المسكينة بالجهل ، والتمويه على الحقائق بأمثال هذه الأفائك! وهم مهرة الفنّ ، ولا يعزب عن أيّ أحد منهم عرفان ما في تلكم المختلقات من الغمز والاعتلال.
نعم ؛ وكم وكم يجد الباحث في طيّات أجزاء كتابنا هذا ممّا يكذّب هذه الأفيكة من التاريخ المتسالم عليه ، والحديث الصحيح ، والنصوص الصريحة من كلمات مولانا أمير المؤمنين ؛ وشتّان بينه وبين كلمات الحفّاظ والمؤرّخين حول تخلّف عليّ عليهالسلام عن بيعة أبي بكر ؛ مثل قول القرطبي في المفهم شرح صحيح مسلم في شرح حديث منه ، قوله : كان لعليّ من الناس جهة حياة فاطمة. قال : جهة أي جاه واحترام ، كان الناس يحترمون عليّا في حياتها كرامةً لها كأنّها بضعة من رسول الله وهو مباشر لها ، فلمّا ماتت وهو لم يبايع أبا بكر. انصرف الناس عن ذلك الاحترام ليدخل فيما دخل فيه الناس ولا يفرّق جماعتهم.
نعم ؛ أكثر الوضّاعون في الكذب على سيّد العترة أمير المؤمنين وبان ذلك في الملأ حتى قال عامر بن شراحيل (٢) : أكثر من كُذِب عليه من الأُمّة الإسلاميّة هو
__________________
(١) أي : عن الحسن.
(٢) هو المعروف بالشعبي ، ونصُّ قوله : ما كُذب على أحد في هذه الأُمة ما كذب على عليّ رضى الله عنه.