ثمّ قال : أُدخل يا رسول الله فقد مهّدت لك الموضع تمهيداً.
وبات أبو بكر بليلة منكرة من الأفعى ، فلمّا أصبح قال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما هذا يا أبا بكر؟ وقد تورّم جسده فقال : يا رسول الله الأفعى ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فهلاّ أعلمتني؟ فقال أبو بكر : كرهت أن أفسد عليك ، فأمرّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يده على أبي بكر فاضمحلّ ما كان بجسده من الألم وكأنّه أُنشط من عقال.
وقال في مرسل آخر عن عمر (١) في (ص ٦٨) : كان في الغار خروق فيها حيّات وأفاعٍ ، فخشي أبو بكر أن يخرج منها شيء يؤذي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فألقمه قدمه ، فجعلن يضربنه ويلسعنه الحيّات والأفاعي ، وجعلت دموعه تتحادر ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول له : يا أبا بكر لا تحزن إنّ الله معنا ، فأنزل الله سكينته وهي الطمأنينة لأبي بكر.
والذي صحّحه الحاكم في المستدرك (٢) من طريق عمر من الحديث قوله : فلمّا انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ الحجرة ، فدخل واستبرأ ثمّ قال : انزل يا رسول الله ، فنزل ، فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر. فقال الحاكم : صحيح لو لا إرسال فيه.
وفي حديث زيّفه ابن كثير بالإرسال أيضاً : قال أبو بكر : كما أنت حتى أدخل يدي فأحسّه وأقصّه ، فإن كانت فيه دابّة أصابتني قبلك. قال نافع : فبلغني أنّه كان في الغار جحر فألقم أبو بكر رجله ذلك الجحر تخوّفاً أن يخرج منه دابّة أو شيء يؤذي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وفي لفظ : لمّا دخل الغار سدّد تلك الأجحرة كلّها وبقي منها جحر واحد ،
__________________
(١) الرياض النضرة : ١ / ٩٣.
(٢) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٧ ح ٤٢٦٨.