كانت له كعصا موسى لصاحبها |
|
لا ينزل البُطْلُ مجتازاً بواديها (١) |
أخاف حتى الذراري في ملاعبها |
|
وراع حتى الغواني في ملاهيها |
أَرَيْتَ تلك التي لله قد نذرت |
|
أُنشودةً لرسول الله تهديها (٢) |
قالت نذرتُ لَئن عاد النبيّ لنا |
|
من غزوه لعَلى دُفّي أُغنّيها |
ويمّمت حضرةَ الهادي وقد ملأت |
|
أنوارُ طلعتِه أرجاءَ واديها |
واستأذنت ومشت بالدُّفّ واندفعتْ |
|
تشجي بألحانِها ما شاء مشجيها (٣) |
والمصطفى وأبو بكرٍ بجانبه |
|
لا ينكران عليها من أغانيها |
حتى إذا لاح عن بُعدٍ لها عمرٌ |
|
خارت قواها وكاد الخوف يُرديها |
وخبّأت دُفَّها في ثوبِها فَرَقاً |
|
منه وودّت لو انّ الأرضَ تطويها |
قد كان علمُ رسولِ الله يؤنسُها |
|
فجاءَبطشُ أبي حفصٍ يخشّيها |
فقال مهبطُ وحيِ اللهِ مبتسماً |
|
وفي ابتسامته معنىً يواسيها |
قد فرّ شيطانُها لمّا رأى عمراً |
|
إنَّ الشياطينَ تخشى بأس مخزيها (٤) |
لقد عزب عن المساكين أنّ ما تحرّوه من إثبات فضيلة للخليفة الثاني يجلب الفضائح إلى ساحة النبوّة ـ تقدّست عنها ـ فأيّ نبيّ هذا يروقه النظر إلى الراقصات والاستماع لأهازيجهنّ وشهود المعازف ، ولا يقنعه ذلك كلّه حتى يُطلع عليها حليلته عائشة ، والناس ينظر إليهما من كثَب ، وهو يقول لها : شبعتِ شبعتِ؟ وهي تقول : لا. لعرفان منزلتها عنده ولا تزعه أُبّهة النبوّة عن أن يقف مع الصبيان للتطلّع على مشاهد اللهو شأن الذنابى والأوباش وأهل الخلاعة والمجون ، وقد جاءت شريعته
__________________
(١) البُطْل : الباطل.
(٢) أريت : أي أرأيت.
(٣) تشجى : تثير الشعور وتشوق. (المؤلف)
(٤) هذه الأبيات من العمرية الشهيرة لشاعر النيل محمد حافظ إبراهيم [ديوان حافظ إبراهيم : ١ / ٩٤] ، وقد مرّ الإيعاز إليها في الجزء السابع : ص ٨٦ ، ٨٧. (المؤلف)