عليه ، ونزيدك هنا إحفاء السؤال عن معنى الأمانة على كتاب الله ووحيه ، أليست هي كلاءتهما عن التحريف والعمل بمؤدّاهما والجري على مفادهما والأخذ بحدودهما ، وقطع الأيدي الأثيمة عن التلاعب بهما ؟ وهل كان معاوية إلّا ردءاً بهذه كلّها وقد قلب على الكتاب والوحي ظهر المجنّ في كلّ وروده وصدوره ، ووجّه إليهما نظرته الشزراء في حلّه ومرتحله ؟ وهل هو إلّا عدوّهما الألدّ ؟ وصحائف تاريخه المظلم تطفح بهذه كلّها ، وإنّ ما ذكرناه في هذا الكتاب من نماذج ما أثبتته له الحقيقة وخلّده الدهر مع ذكره الشائن وحديثه المائن.
٢٤ ـ أخرج الطبراني عن أحمد بن محمد الصيدلاني عن السري عن (١) عاصم عن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير عن أبيه (٢) هشام بن عروة عن عائشة ، قالت : لمّا كان يوم أمّ حبيبة من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دقّ الباب داقٌّ ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : انظروا من هذا ؟ قالوا : معاوية. قال : ائذنوا له ، فدخل وعلى أُذنه قلمٌ يخطُّ به ، فقال : ما هذا القلم على أُذنك يا معاوية ؟ قال : قلمٌ أعددته لله ولرسوله ، فقال له : جزاك الله عن نبيّك خيراً ، والله ما استكتبتك إلَّا بوحي من الله ، وما أفعل من صغيرة ولا كبيرة إلّا بوحي من الله ، كيف بك لو قمّصك الله قميصاً ؟! ـ يعني من الخلافة ـ فقامت أُمّ حبيبة فجلست بين يديه وقالت : يا رسول الله : وإنّ الله مقمّصه قميصاً ؟ قال : نعم. ولكن فيه هنات وهنات. فقالت : يا رسول الله فادع الله له. فقال : اللّهمّ اهده بالهدى ، وجنِّبه الردى ، واغفر له في الآخرة والأولى.
قال الطبراني : تفرّد به السري بن عاصم (٣).
قال الأميني : المتفرّد بهذه الأكذوبة الفاحشة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو أحد الكذّابين الوضاعين ، راجع ما أسلفناه في الجزء الخامس ص ٢٣١ و ( ٨ / ١٤٠ ).
___________________________________
(١) الصحيح : السري بن عاصم. ( المؤلف )
(٢) كذا والصحيح : عن أبيه عن هشام. ( المؤلف )
(٣) تاريخ ابن كثير : ٨ / ١٢٠ [ ٨ / ١٢٨ حوادث سنة ٦٠ هـ ]. ( المؤلف )