حماراً ، غير أنّ هذه وأمثالها تخصُّ برجال زمان أبي بكر وعمر وعثمان ومن بعدهم ممّن يحبّهم ويعتنق ولاءهم ، وإن جاء حديث في كرامة غيرهم فمن الصعب المستصعب قبوله ، والعقل والشرع والمنطق والبرهنة تأباه ، وهنالك يحقُّ كلُّ جلبة ولغط ، ويجري كلُّ ما يتصوّر من المناقشة في الحساب. لماذا هي كلّها ؟ أنا لا أدري وإن كان المحاسب يدري.
وللقوم قصّة حمار عدّوها من دلائل النبوّة ذكرها ابن كثير بالإسناد المتّصل في تاريخه (١) ( ٦ / ١٥٠ ) ونحن نذكرها محذوفة السند ونحيل البحث عنها إلى أُولي الألباب من الأُمّة المسلمة :
عن أبي منظور ، قال : لمّا فتح الله على نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم خيبر أصابه من سهمه أربعة أزواج بغال ، وأربعة أزواج خفاف ، وعشر أواق ذهب وفضّة ، وحمار أسود ومكتل.
قال : فكّلم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الحمار فكلّمه الحمار ، فقال له : ما اسمك ؟ قال : يزيد بن شهاب ، أخرج الله من نسل جدّي ستّين حماراً كلّهم لم يركبهم إلّا نبيّ ، لم يبق من نسل جدّي غيري ، ولا من الأنبياء غيرك ، وقد كنت أتوقّعك أن تركبني ، قد كنت قبلك لرجل يهودي ، وكنت أعثر به عمداً ، وكان يجيع بطني ويضرب ظهري ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : سمّيتك يعفور ، يا يعفور ، قال : لبّيك. قال تشتهي الإناث ؟ قال : لا. فكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يركبه لحاجته فإذا نزل عنه بعث به إلى باب الرجل فيأتي الباب فيقرعه برأسه ، فإذا خرج إليه صاحب الدار أومأ إليه أن أجب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا قبض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جاء إلى بئر كان لأبي الهيثم بن التيّهان فتردّى فيها فصارت قبره جزعاً منه على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
___________________________________
(١) البداية والنهاية : ٦ / ١٦٦.