تحت راية القاسطين ، وهو القائل : يا أهل المدينة كنتم بين قاتل وخاذل ، فكلّاً جزى الله شرّاً ، يا أهل المدينة لأنتم شرٌّ من ثمود. إنَّ ثمود قتلوا ناقة الله ، وأنتم قتلتم خليفة الله ، وخليفة الله أكرم عليه من ناقته.
وهو الذي كان سفير معاوية إلى عليّ في حرب صفّين ، وقد أتى ببعض كتبه إلى الإمام عليهالسلام ، ولمّا أقام عليهالسلام عليه الحجّة وأفحمه خرج وهو يقول : الآن طاب الضراب.
وهو الذي كان يرتجز يوم صفّين ويقول :
|
ما علّتي ما علّتي |
|
|
وقد لبست درعتي |
|
|
أموت عند طاعتي ؟! (١) |
|
أترى من يموت في طاعة ابن هند ، ويركض وراء أهوائه وشهواته ، ويتّخذه إماماً متّبعاً في أفعاله وتروكه ، ويحارب إمام زمانه المطهّر بلسان الله تعالى ولم يعرفه ، ويضرب الصفح عمّا جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حرب علي عليهالسلام وسلمه عامّة ، وفي قتاله يوم صفّين خاصّة ، وتكون له خطوات واسعة وأشواط بعيدة في تلكم البوائق المدلهمّة ، والمواقف الموبقة ، توهب له من المولى سبحانه وتعالى تلك المنزلة الرفيعة من الكرامة التي تضاهي منازل الأنبياء ، ويقصر عنها مقام كلّ وليّ صادق ؟! لاها الله ، إن هي إلّا اختلاق ، لا تساعدها البرهنة الصادقة ، ولا يسوّغها الإسلام ومبانيه ومبادئه ، ولا يقبلها العقل والمنطق.
قاتل الله العصبيّة العمياء ، إلى أيّ هوّة من التعاسة والانحطاط تحدو البشر ؟
___________________________________
(١) [ كتاب ] صفّين لنصر بن مزاحم : ص ٩٥ ـ ٩٨ [ ص ٨٥ ـ ٨٦ ] ، تاريخ ابن عساكر : ٧ / ٣١٩ [ ٢٧ / ٢٢١ رقم ٣٢١٣ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٢ / ٦٣ ـ ٦٤ ] ، شرح ابن أبي الحديد : ٣ / ٤٠٨ [ ١٥ / ٧٥ ]. ( المؤلف )