التصانيف ، وهو الراوي من الخلّال عن الحمصيّ عن إمام الحنابلة أحمد : أنَّه سُئل عن التفضيل فقال : من قدّم عليّاً على أبي بكر فقد طعن على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن قدّمه على عمر فقد طعن على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى أبي بكر ، ومن قدّمه على عثمان فقد طعن على أبي بكر وعمر وعثمان وعلى أهل الشورى والمهاجرين والأنصار.
وليت مثقال ذرّة من ذلك النور الخياليِّ الممتدِّ من قبر الرجل سطع على مكمن بصيرته إبّان حياته ، فلا يخضع لكلمة شيخه التافهة هذه التي تخالف الكتاب والسنّة ، وإنَّ مقدار الرجل ينبو عن التدخّل في هذا الشأن العظيم الذي ليس هو من رجاله لكن حنَّ قِدحٌ ليس منها (١) أنّى يقع قوله في التفضيل مع آيتي المباهلة والتطهير ؟ ومقتضى الأولى اتّحاد مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام مع صنوه النبيِّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يمكن اتّحاد شخصين فيه ، وليست هي إلّا الفضائل والفواضل والمكارم والمآثر ما خلا النبوّة ، فما ظنّك برجل يوازنه صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما ذكرناه من الفضل ؟ أليس من السخف أن يقال : من قدّم عليّاً. إلى آخره ؟ ومقتضى الثانية عصمته صلوات الله عليه عن جميع الذنوب والمعاصي ، وهل يوازي المعصوم من يجترح السيّئات ويقترف الآثام ؟ لكن صاحب النور يروي : من قدّم عليّاً. الى آخره. ولا يبالي بما يروي.
فمقتضى المقام أن يقال : من قدّم أحداً على مولانا أمير المؤمنين فقد طعن على الكتاب الكريم ومن صدع به صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن أنزله جلّت عظمته.
وأنّى يقع قول صاحب النور المرويّ عن إمامه أحمد أمام السنّة المتواترة الواردة من شتّى النواحي في فضل الإمام صلوات الله عليه المتقدّمة في الأجزاء السابقة من هذا الكتاب (٢) ؟ فمن قدّمه سلام الله عليه على أبي بكر وصاحبيه فقد جاء
___________________________________
(١) مجمع الأمثال : ١ / ٣٤١ رقم ١٠١٨.
(٢) وسيوافيك قول أحمد وجمع آخرين من أئمّة الحديث : لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان أكثر ممّا جاء في حقّ عليّ بن أبي طالب. وقول حبر الأمّة ابن عباس : ما نزل في أحد من كتاب الله ما نزل في عليّ. ( المؤلف )