مخالفٌ للسنّة ، فأمر بإحضار ما في تلك البلاد من نسخ الإحياء ، فجمعوا وأجمعوا على إحراقها يوم الجمعة ، وكان إجماعهم يوم الخميس ، فلمّا كان ليلة الجمعة رأى أبو الحسن في المنام كأنّه دخل من باب الجامع ، ورأى في ركن المسجد نوراً وإذا بالنبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر وعمر جلوسٌ والإمام الغزالي قائمٌ وبيده الإحياء وقال : يا رسول الله هذا خصمي ، ثم جثا على ركبتيه وزحف عليهما إلى أن وصل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فناوله كتاب الإحياء وقال : يا رسول الله انظر فيه فإن كان فيه بدعةٌ مخالفةٌ لسنّتك كما زعم تبت إلى الله ، وإن كان شيئاً تستحسنه حصل لي من بركتك فأنصفني من خصمي ، فنظر فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورقةً ورقةً إلى آخره ثم قال : والله إنَّ هذا شيءٌ حسن ، ثم ناوله أبا بكر رضياللهعنه فنظر فيه كذلك ، ثم قال : نعم ، والذي بعثك بالحقِّ يا رسول الله إنَّه لحسنٌ. ثم ناوله عمر رضياللهعنه فنظر فيه كذلك ، ثم قال كما قال أبو بكر رضياللهعنه ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بتجريد أبي الحسن وضربه حدّ المفتري ، فجُرِّد وضُرب ثم شفع فيه أبو بكر بعد خمسة أسواط وقال : يا رسول الله إنَّما فعل ذلك اجتهاداً في سنّتك وتعظيماً. فعفا عنه أبو حامد عند ذلك ، فلمّا استيقظ أبو الحسن من منامه وأصبح أعلم أصحابه بما جرى ومكث قريباً من الشهر مُتألّماً من الضرب ، ثم سكن عنه الألم ومكث إلى أن مات وأثر السياط على ظهره ، وصار ينظر كتاب الإحياء ويعظّمه وينتحله أصلاً أصيلاً.
وفي لفظ اليافعي : وبقيت متوجّعاً لذلك خمساً وعشرين ليلة ، ثم رأيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جاء ومسح عليَّ وتوّبني فشفيت ونظرت في الإحياء ففهمته غير الفهم الأوّل. وذكره السبكي في طبقاته (١) ( ٤ / ١٣٢ ) وقال : هذه حكاية صحيحة حكاها لنا جماعةٌ من ثقات مشيختنا عن الشيخ العارف وليّ الله سيّدي ياقوت الشاذلي ، عن شيخنا السيّد الكبير وليّ الله أبي العبّاس المرسي ، عن شيخه الشيخ الكبير وليّ الله أبي
___________________________________
(١) طبقات الشافعية : ٦ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠.