وسمّي سارق الحمّام ، وذكر مثل هذا على سبيل التعليم للمريدين قبيحٌ ، لإنَّ الفقه يحكم بقبح هذا ، فإنّه متى كان للحمّام حافظٌ وسرق سارقٌ قطع ، ثم لا يحلُّ لمسلم أن يتعرّض بأمر يأثم الناس به في حقّه. وذكر أنَّ رجلاً اشترى لحماً فرأى نفسه تستحيي من حمله إلى بيته فعلّقه في عنقه ومشى ، وهذا في غاية القبح ، ومثله كثيرٌ ليس هذا موضعه ، وقد جمعت أغلاط الكتاب وسمّيته : إعلام الأحياء بأغلاط الإحياء. وأشرت إلى بعض ذلك في كتابي المسمّى بتلبيس إبليس (١) مثل ما ذكر في كتاب النكاح ؛ أنّ عائشة قالت صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنت الذي تزعم أنّك رسول الله. وهذا محالٌ. إلى أن قال :
وذكر في كتاب الإحياء من الأحاديث الموضوعة وما لا يصحُّ غير قليل ، وسبب ذلك قلّة معرفته بالنقل ، فليته عرض تلك الأحاديث على من يعرف ، وإنّما نقَل نقْل حاطب ليل. وكان قد صنّف للمستظهر كتاباً في الردِّ على الباطنيّة ، وذكر في آخر مواعظ الخلفاء فقال : روي أنّ سليمان بن عبد الملك بعث إلى أبي حازم : ابعث إليَّ من إفطارك. فبعث إليه نخالة مقلوّة ، فبقي سليمان ثلاثة أيّام لا يأكل ، ثم أفطر عليها وجامع زوجته ، فجاءت بعبد العزيز ، فلمّا بلغ ولد له عمر بن عبد العزيز. وهذا من أقبح الأشياء لأنَّ عمر ابن عمِّ سليمان وهو الذي ولّاه ، فقد جعله ابن ابنه ، فما هذا حديث من يعرف من النقل شيئاً أصلاً. إلى آخره.
وقال ابن الجوزي في تلبيس إبليس ( ص ٣٥٢ ) : قد حكى أبو حامد الغزالي في كتاب الإحياء قال : كان بعض الشيوخ في بداية إرادته يكسل عن القيام ، فألزم نفسه القيام على رأسه طول الليل لتسمح نفسه بالقيام عن طوع. قال : وعالج بعضهم حبَّ المال بأن باع جميع ماله ورماه في البحر إذ خاف من تفرقته على الناس رعونة الجود ورياء البذل. قال : وكان بعضهم يستأجر من يشتمه على ملأ من الناس ليعوّد نفسه الحلم. قال : وكان آخر يركب البحر في الشتاء عند اضطراب الموج ليصير شجاعاً.
___________________________________
(١) تلبيس إبليس : ص ٣٥٢ ـ ٣٦٣.