سبحانه في تصديقها إيّاه إن حقّقت المزاعم والتافهات ! فقد جاء في الذكر الحكيم : ( وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) (١) و ( سَبَّحَ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) (٢) و ( وَلِلَّـهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) (٣) و ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ )(٤) ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ) (٥) ، ومع ذلك لم يسمع أحدٌ للوحوش والدوابّ نعيقاً ، وللشجر حفيفاً ، وللأحجار صعوداً وهبوطاً ، بعنوان السجدة والتسبيح ، فهو لا محالة إمّا بلسان ملكوتيّ ، أو بعنوان جعل الاستعداد ، أو الشهادة التكوينيّة التي لا تفارق كلَّ موجود على حدّ قول القائل :
وفي كلّ شيء له آيةٌ |
|
تدلُّ على أنّه واحدُ |
وعليه ينزّل قوله تعالى : ( شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ) أي خلق ما يشهد له بأحد الوجوه المذكورة ، وإلّا فهي دعوى لا شهادة لها إن أُريد بها ظاهرها.
أو أنَّ للموجودات في تسبيحها وسجودها لغةً وأطواراً لا يحسّها البشر ، إلّا من اصطفاه الله من عباده المنتجبين ، وعلّمه منطق الطير ، وعرّفه لغة الحجر والشجر والهوام ، لكن الشيخ الغوّاص أعطاه الله الكلمة النافذة في كلِّ شيء حتى زأرت وصرخت له الوحوش ، ورقصت الحجارة ، واشتبكت أغصان الأشجار ، فحظيت بسماعها ورؤيتها آذان أولئك الغالين في فضائله ومُقَلهم ، فحيّى الله منحة المولى سبحانه لعبده أكثر ممّا عنده ، ولك إمعان النظر وتدقيق البحث حول السجّادة والغوص ، وهذه كلّها سهلةٌ غير مستصعب على الشيخ مهما كان حفيد عمر الخليفة ،
___________________________________
(١) الإسراء : ٤٤.
(٢) الصف : ١.
(٣) النحل : ٤٩.
(٤) الرحمن : ٦.
(٥) الحج : ١٨.