يزيد ، ويجد نفسه في خطر من ناحيتين ، عهده إليه عليهالسلام في الصلح معه بأن لا يعهد إلى أحد من جانب ، وجدارة أبي محمد الزكيّ ونداء الناس به من ناحية أخرى ، فنجّى نفسه عن هذه الورطة بسمِّ الإمام عليهالسلام ، ولمّا بلغه نعيه غدا مستبشراً ، وأظهر الفرح والسرور وسجد وسجد من كان معه.
قال ابن قتيبة : لمّا مرض الحسن بن عليّ مرضه الذي مات فيه ، كتب عامل المدينة إلى معاوية يخبره بشكاية الحسن ، فكتب إليه معاوية : إن استطعت أن لا يمضي يومٌ يمرُّ بي إلّا يأتيني فيه خبره فافعل. فلم يزل يكتب إليه بحاله حتى توفّي فكتب إليه بذلك. فلمّا أتاه الخبر أظهر فرحاً وسروراً حتى سجد وسجد من كان معه ، فبلغ ذلك عبد الله بن عبّاس وكان بالشام يومئذٍ فدخل على معاوية ، فلمّا جلس قال معاوية : يابن عباس هلك الحسن بن عليّ. فقال ابن عباس : نعم هلك ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون. ترجيعاً مكرّراً ، وقد بلغني الذي أظهرت من الفرح والسرور لوفاته ، أما والله ما سدّ جسده حفرتك ، ولا زاد نقصان أجله في عمرك ، ولقد مات وهو خيرٌ منك ، ولئن أُصِبنا به لقد أُصبنا بمن كان خيراً منه جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فجبر الله مصيبته ، وخلف علينا من بعده أحسن الخلافة. ثم شهق ابن عبّاس وبكى. الحديث (١).
وفي العقد الفريد (٢) ( ٢ / ٢٩٨ ) لمّا بلغ معاوية موت الحسن بن عليّ خرَّ ساجداً لله ، ثم أرسل إلى ابن عبّاس وكان معه في الشام فعزّاه وهو مستبشرٌ. وقال له : ابن كم سنة مات أبو محمد ؟ فقال له : سنّه كان يُسمع في قريش فالعجب من أن يجهله مثلك قال : بلغني أنّه ترك أطفالاً صغاراً ، قال : كلُّ ما كان صغيراً يكبر ، وإنَّ طفلنا لكهل وإنَّ صغيرنا لكبير ، ثم قال : ما لي أراك يا معاوية مستبشراً بموت الحسن بن عليّ ؟
___________________________________
(١) الإمامة والسياسة : ١ / ١٤٤ [ ١ / ١٥٠ ]. ( المؤلف )
(٢) العقد الفريد : ٤ / ١٥٦.