المعجزة النبويّة في تلك الأعصار التي ظهرت بها البدع ، وكثرت بها الفتن ، وتفرّقت بها الأهواء ، وذهب بها أهل الباطل إلى مذاهب كثيرة كالإلحاد والزندقة وغير ذلك ممّا سلكه الفرق الضالّة من طرق الضلالة ما كان إلّا لإعلاء كلمة الحقّ والشريعة والدين على يد هذا السيّد الجليل الذي اختصّه الله ورسوله بهذه النعمة وأبرزه لهذه الخدمة ، لعدم وجود من يماثله أو يشاكله في ذلك القرن من الأولياء والسادات وصالحي الوقت نفعنا الله بهم.
وقال في ( ص ٦٢ ) : إذا عدّت كرامات الرجال كفاه ـ يعني السيّد أحمد الرفاعي ـ فخراً وشرفاً تقبيل يد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بين جمّ غفير من المسلمين حتى سارت بها الركبان ، وتواتر خبرها في البلدان ، وقصر عندها باع أكابر الإنس والجانّ ، وغبطه عليها الملأ الأعلى ، كما قال ذلك في شأنه الشيخ عبد القادر الجيلي عليه الرحمة والرضوان.
وفي العقود الجوهريّة ( ص ٥ ) عن العبد الصالح العارف بالله عبد الملك بن حمّاد أنّه قال : قدّر الله لي الحجَّ سنة خمسمائة وخمسٍ وخمسين ، وجئت إلى المدينة وتشرّفت بزيارة النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي ذلك الأسبوع جاء لزيارة قبره ـ عليه الصلاة والسلام ـ شيخنا سيّد العارفين إمام الأُمّة السيّد أحمد الرفاعي رضياللهعنه وقد دخل البلدة بقافلة عظيمة من الزوّار ، فلمّا دخل الحرم الشريف النبويّ وقف تجاه القبر الأفضل ، والوقت بعد العصر وقد غصّ الحرم المبارك بالناس وأنشد غائباً عن نفسه حاضراً بمحبوبه :
في حالة البعد روحي كنت أُرسلُها |
|
تقبّلُ الأرضَ عنّي وهي نائبتي |
وهذه دولةُ الأشباحِ قد حضرت |
|
فامدد يمينَك كي تحظى بها شفتي |
فظهرت له يد النبيِّ
ـ عليه الصلاة والسلام ـ تتلمّع بيضاء سويّة كأنّها زند البرق ، فقبّلها والناس ينظرونه ، وقد منَّ الله تعالى تفضّلاً عليَّ فرأيتها
ورأيت كيف استلمها ، وإنّي أعدّ هذا الشهود الباهر ذخيرة المعاد ، وزاد القدوم على الله
تعالى. ثم