ولإرضاء معاوية منع ذلك الإمام الزكيّ عن أن يقوم أخوه الحسين السبط بإنجاز وصيّته ويدفنه في حجرة أبيه الشريفة التي هي له ، وهو أولى إنسان بالدفن فيها. قال ابن كثير في تاريخه (١) ( ٨ / ٤٤ ) : فأبى مروان أن يدعه ، ومروان يومئذٍ معزول يريد أن يرضي معاوية. وقال ابن عساكر (٢) ( ٤ / ٢٢٦ ) : قال مروان : ما كنت لأدع ابن أبي تراب يدفن مع رسول الله ، وقد دفن عثمان بالبقيع ، ومروان يومئذٍ معزولٌ يريد أن يرضي معاوية بذلك ، فلم يزل عدوّاً لبني هاشم حتى مات. انتهى.
هذه نماذج من جنايات معاوية على ريحانة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ولعلَّ فيما أنساه التاريخ أضعافها ، وهل هناك مسائلٌ ابن حرب عمّا اقترفه السبط المجتبى سلام الله عليه من ذنب استحقَّ من جرّائه هذه النكبات والعظائم ؟ وهل يسع ابن آكلة الأكباد أن يعدَّ منه شيئاً في الجواب ؟ غير أنّه عليهالسلام كان سبط محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد عطّل دين آباء الرجل الذي فارقه كرهاً ولم يعتنق الإسلام إلّا فَرَقا ، وأنّه شبل عليّ خليفة الله في أرضه بعد نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو الذي مسح أسلافه الوثنيّين بالسيف ، وأثكلت أُمّهات البيت الأمويّ بأجريتهن (٣) ، ولمّا ينقضي حزن معاوية على أولئك الطغمة حتى تشفّى بأنواع الأذى التي صبّها على الإمام المجتبى إلى أن اغتاله بالسمِّ النقيع ، ولم يملك نفسه حتى استبشر بموته ، وسجد شكراً ، وأنا لا أدري ألِلاته سجد أم لله سبحانه ؟ وإنّ لسان حاله كان ينشد ما تظاهر به مقول نغله يزيد :
قد قتلت القِرْمَ من ساداتهم |
|
وعدلنا ميل بدرٍ فاعتدلْ |
ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا |
|
جزعَ الخزرجِ من وقع الأسلْ |
لعبت هاشمُ بالملكِ فلا |
|
خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزلْ |
___________________________________
(١) البداية والنهاية : ٨ / ٤٨ حوادث سنة ٤٩ هـ.
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ١٣ / ٢٨٧ ، ٢٨٨ رقم ١٣٨٣ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٧ / ٤٢.
(٣) الأجرية : جمع جرو.