فإذا
دخلت المدينة فأرهم أنَّك تريد أنفسهم ، وأخبرهم أنَّه لا براءة لهم عندك ولا عذر حتى إذا ظنّوا أنّك موقع بهم فاكفف عنهم ، ثم سر حتى تدخل مكة ولا تعرض فيها لأحد ، وأرهب الناس عنك فيما بين المدينة ومكة ، واجعلهم شرودات حتى تأتي صنعاء والجند ، فإنَّ لنا [ بهما ] شيعة وقد جاءني كتابهم.
فخرج بُسر في ذلك
البعث مع جيشه وكانوا إذا وردوا ماءً أخذوا إبل أهل ذلك الماء فركبوها ، وقادوا خيولهم حتى يردوا الماء الآخر ، فيردّون تلك الإبل ويركبون
إبل هؤلاء ، فلم يزل يصنع ذلك حتى قرب إلى المدينة ، فاستقبلتهم قضاعة ينحرون لهم الجزر حتى دخلوا المدينة ، وعامل عليّ عليهالسلام عليها أبو أيّوب الأنصاري صاحب منزل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فخرج عنها هارباً ودخل بُسر المدينة ، فخطب
الناس وشتمهم وتهدّدهم يومئذٍ وتوعّدهم وقال : شاهت الوجوه إنّ الله تعالى ضرب مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنّة يأتيها رزقها رغداً. وقد أوقع الله تعالى ذلك المثل بكم وجعلكم أهله ،
وكان بلدكم مهاجر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومنزله وفيه قبره ومنازل الخلفاء من
بعده ، فلم تشكروا نعمة ربّكم ولم ترعوا حقَّ نبيّكم ، وقتل خليفة الله بين أظهركم ، فكنتم
بين قاتل وخاذل ومتربّص وشامت ، إن كانت للمؤمنين قلتم : ألم نكن معكم ؟ وإن كان للكافرين نصيب ، قلتم : ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين ؟ ثم شتم الأنصار ، فقال : يا معشر اليهود وأبناء العبيد بني زريق وبني النجّار وبني سالم وبني عبد الأشهل
أما والله لأوقعنَّ بكم وقعة تشفي غليل صدور المؤمنين وآل عثمان ، أما والله لأدعنّكم
أحاديث كالأُمم السالفة ، فتهدّدهم حتى خاف الناس أن يوقع بهم ، ففزعوا إلى حُويطب بن عبد العزّى ، ويقال : إنّه زوج أُمّه فصعد إليه المنبر فناشده وقال : عترتك
وأنصار رسول الله وليست بقتلة عثمان ، فلم يزل به حتى سكن ودعا الناس إلى بيعة معاوية فبايعوه ونزل فأحرق دوراً كثيرة منها : دار زرارة بن حرون
أحد بني عمرو
___________________________________