خطوط الدائرة المنتهية إلى مركزها ، ورأيت أنَّ أوسط من وصفه هو سيّدنا المدني الشيرازي في سلافة العصر ( ص ٣١٥ ) قال :
منار العلم السامي ، وملتزم كعبة الفضل وركنها الشامي ، ومشكاة الفضائل ومصباحها ، المنير به مساؤها وصباحها ، خاتمة أئمّة العربيّة شرقاً وغرباً ، والمرهف من كهام الكلام شباً (١) وغرباً ، أماط عن المشكلات نقابها ، وذلّل صعابها وملك رقابها ، وحلَّ للعقول عقالها ، وأوضح للفهوم قيلها وقالها ، فتدفّق بحر فوائده وفاض ، وملأ بفرائده الوطاب والوفاض ، وألّف بتآليفه شتات الفنون ، وصنّف بتصانيفه الدرّ المكنون ، إلى زهدٍ فاق به خشوعاً وإخباتاً ، ووقار لا توازيه الرواسي ثباتاً ، وتألّه ليس لابن أدهم غرره وأوضاحه ، وتقدّس ليس للسريّ سرّه وإيضاحه. وهو شيخ شيوخنا الذي عادت علينا بركات أنفاسه ، واستضأنا بواسطة من ضيا نبراسه. وكان قد انتقل من الشام إلى بلاد العجم ، وقطن بها إلى أن وفد عليه المنون وهجم. فتوفّي بها في شهر ربيع الثاني سنة تسع وخمسين وألف.
وترجم له شيخنا الحرّ العاملي في أمل الآمل (٢) وأثنى عليه بقوله : كان عالماً فاضلاً أريباً (٣) ماهراً محقّقاً مدقّقاً شاعراً أديباً منشياً حافظاً ، أعرف أهل عصره بعلوم العربيّة. قرأ على السيد نور الدين علي بن علي بن أبي الحسن الموسوي العامليّ في مكة جملة من كتب الخاصّة والعامّة ، له كتبٌ كثيرة الفوائد.
وأطراه شيخنا العلّامة المجلسي في بحار الأنوار (٤) بكلمة سيدنا صاحب السلافة المذكورة. وعقود جمل الثناء عليه منضّدة في صفحات المعاجم وكتب التراجم
___________________________________
(١) جمع شباة ، وهي من كل شيء حدّ طرفه ، وكذا الغَرْب.
(٢) المطبوع في آخر منهج المقال : ص ٤٥٢ [ ١ / ١٦٢ رقم ١٦٧ ]. ( المؤلف )
(٣) في المصدر : أديباً.
(٤) بحار الأنوار : ٢٥ / ١٢٤ [ ١٠٩ / ١١٥ ]. ( المؤلف )