وألسنة الفضيلة ، ومداره القول ، وصيارفة القريض ، وعباقرة القضاة ، ذكره السيد في سلافة العصر ( ص ١٠٧ ) وأثنى عليه بقوله :
جمال العلوم والمعارف ، المتفيّءُ ظلَّ ظليلها الوارف ، أشرقت بالفضل أقماره وشموسه ، وزخر بالعلم عبابه وقاموسه ، فدوّخ صيته الأقطار ، وطار ذكره في منابت الأرض واستطار. وتهادت أخباره الركبان ، وظهر فضله في كلِّ صقع وبان. وله الأدب الذي ما قام به مضطلع ، ولا ظهر على مكنونه مطّلع. استنزل عِصم البلاغة من صياصيها ، واستذلَّ صعاب البراعة فسفع بنواصيها. إن نثر فما اللؤلؤ المنثور انفصم نظامه ، أو نظم فما الدرّ المشهور نسقه نظامه ، بخطّ يزدري بخدّ العذار إذا بقل ، وتحسبه سائر الجوارح على مشاهدة حسنه المقل. ولمّا رحل إلى اليمن في دولة الروم ، قام له رئيسها بما يحبُّ ويروم. فولّاه منصب القضاء ، وسطع نور أمله هناك وأضاء. ولم يزل مجتلياً به وجوه أمانيه الحسان ، مجتنياً من رياضه أزاهر المحاسن والإحسان. إلى أن انقضت مدّة ذلك الأمير ، ومني اليمن بعده بالإفساد والتدمير. فانقلب إلى وطنه وأهله ، فكابد حزن العيش بعد سهله. كما أنبأ بذلك قوله في بعض كتبه : ولمّا حصلت عائداً من اليمن بعد وفاة المرحوم سنان باشا ، وانقضاء ذلك الزمن ، اخترت الإقامة في الوطن بعد التشرّف بمجلس القضاء في ذلك العطن ، إلّا أنَّه لم يحل لي التحلّي عن تذكّر ما كان في خزانة الخيال مرسوماً ، وتفكّر ما كان في لوح المفكّرة موسوماً. فاخترت أن أكون مدرّساً في البلد الحرام ، وممارساً لما أذن غبّ الحصول بالانصرام. ولم يكن في البلد الأمين كفاية ، ولا ما يقوم به الإتمام والوفاية. انتهى. وما زال مقيماً في وطنه وبلده ، ومتدرّعاً جلباب صبره وجلده. حتى انصرمت من العيش مدّته ، وتمّت من الحياة عدّته.
ثم ذكر جملةً وافية من منثور كلمه في ثلاث عشرة صحيفة فقال : ومن شعره قوله في صدر كتاب :