من ظلمةِ الليلِ ليَ المأنسُ |
|
إذ فيه تبدو الشهُبُ الكنّسُ |
والطيفُ يأتيني به زائراً |
|
وتارةً صاحبُه يغلسُ (١) |
ولم نراقب من رقيب الهوى |
|
خوفاً ولا تبصرنا الحرَّسُ |
ومن رياض الوصل كم نجْتَني |
|
زواهراً تُحيى بها الأنفسُ |
كم ليلةٍ بتُّ بظلمائِها |
|
معانقاً للحبِّ لا أدنسُ (٢) |
حتى هوت للغربِ شهبُ الدجى |
|
والنجمُ في إسرائه ينعسُ (٣) |
وانتشر الصبح بأنوارِهِ |
|
وانجابَ عن أضوائهِ الحندسُ (٤) |
فارقني خشية أعدائهِ |
|
وقد خلا من جمعنا المعرسُ (٥) |
لا أقبل الصبحُ بإسفارِه |
|
لأنّه الفضّاحُ والأوكسُ |
والليل لو جنَّ به جنّتي |
|
وجنّتي طاب بها المأنسُ |
موسى رأى النارَ به سابقاً |
|
من جانب الطور لها غرنسُ |
وقد أتاها طالباً جذوةً |
|
حتى دنا من قربها يقبسُ |
نودي بالشاطئ غربيّها |
|
أنا الإلٰهُ الخالقُ الأقدسُ |
ونارُ موسى سرُّها حيدرٌ |
|
العالم الخنذيذُ والدهرسُ (٦) |
والأسدُ المغوار يومَ الوغى |
|
تَفْرقُ من صولته الأشوسُ (٧) |
لو قامت الحرب على ساقها |
|
قام إليها وهو لا ينكسُ |
___________________________________
(١) الغلس : ظلمة آخر الليل. أغلس : صار بغلس. ( المؤلف )
(٢) دنس : تلطّخ بمكروه أو قبيح. ( المؤلف )
(٣) من تناعس البرق : فتر. ( المؤلف )
(٤) الحندس : الظلمة جمع حنادس. ( المؤلف )
(٥) المعرس : الموضع الذي يعرس فيه القوم ، أي ينزلون فيه للاستراحة. ( المؤلف )
(٦) الخنذيذ : الخطيب البليغ. العالم بأيّام العرب وأشعارهم. السيد الحليم. الشجاع البهمة. الدهرس : الداهية. ( المؤلف )
(٧) الأشوس : الجريء على القتال الشديد. ( المؤلف )