شعره وحُجرٌ جالسٌ في المسجد حوله أصحابه أكثر ما كانوا ، فصعد المنبر وخطب وحذّر الناس وقال : أما بعد : فإنَّ غبّ البغي والغيّ وخيمٌ ، إنَّ هؤلاء جمّوا فأشروا ، وأمنوني فاجترؤوا على الله ، وايم الله لئن لم تستقيموا لأداوينّكم بدوائكم ، ولست بشيء إن لم أمنع باحة الكوفة من حُجر ، وأدعه نكالاً لمن بعده ، ويل أُمّك يا حُجر سقط العشاء بك على سرحان (١).
ثم قال لشدّاد بن الهيثم الهلالي أمير الشرطة : اذهب فأتني بحُجر ، فذهب إليه فدعاه فقال أصحابه : لا يأتيه ولا كرامة فسبّوا الشرط فرجعوا إلى زياد فأخبروه ، فقال : يا أشراف أهل الكوفة أتشجّون بيد وتأسون بأخرى ؟ أبدانكم عندي وأهواؤكم مع هذا الهجاجة المذبوبة (٢). وفي الكامل (٣) : أبدانكم معي وقلوبكم مع حُجر الأحمق. والله ليظهرنَّ لي براءتكم أو لآتينّكم بقوم أقيم بهم أودكم وصعركم. فقالوا : معاذ الله أن يكون لنا رأي إلّا طاعتك وما فيه رضاك. قال : فليقم كلّ رجل منكم فليدع من عند حُجر من عشيرته وأهله. ففعلوا وأقاموا أكثر أصحابه عنه ، وقال زياد لصاحب شرطته : انطلق إلى حُجر فإن تبعك فأتني به وإلّا فشدّوا عليهم بالسيوف حتى تأتوني به ، فأتاه صاحب الشرطة يدعوه فمنعه أصحابه من إجابته فحمل عليهم ، فقال أبو العمرطة الكندي لحُجر : إنَّه ليس معك رجلٌ معه سيفٌ غيري فما يغني سيفي ؟ قم فالحق بأهلك يمنعك قومك.
فقام وزياد ينظر إليهم وهو على المنبر وغشيهم أصحاب زياد فضرب رجلٌ من الحمراء يقال له بكر بن عبيد رأس عمرو بن الحمق بعمود فوقع وحمله رجلان من الأزد وأتيا به دار رجل يقال له عبيد الله بن موعد (٤) الأزدي ، وضرب بعض
___________________________________
(١) يضرب في طلب الحاجة يؤدّي صاحبها إلى التلف. مجمع الأمثال : ٢ / ٩٧ رقم ١٧٦٤.
(٢) في لفظ الطبري [ في تاريخه : ٥ / ٢٥٧ حوادث سنة ٥١ ] : الهجهاجة : الأحمق المذبوب. ( المؤلف )
(٣) الكامل في التاريخ : ٢ / ٤٨٩ حوادث سنة ٥١.
(٤) في تاريخ الطبري : عبيد الله بن مالك.