قال له معاوية : إنّي إنَّما أقتلك بعثمان. قال له محمد : وما أنت وعثمان ؟ إنَّ عثمان عمل بالجور ونبذ حكم القرآن ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (١). فنقمنا ذلك عليه فقتلناه وحسّنت أنت له ذلك ونظراؤك ، فقد برّأنا الله إن شاء الله من ذنبه وأنت شريكه في إثمه وعظم ذنبه وجاعلك على مثاله. قال : فغضب معاوية فقدّمه فقتله ثم ألقاه في جيفة حمار ثم أحرقه بالنار. فلمّا بلغ ذلك عائشة جزعت عليه جزعاً شديداً وقنتت عليه في دبر الصلاة تدعو على معاوية وعمرو (٢).
وفي النجوم الزاهرة (١ / ١١٠ ) وقيل : إنّه قطع رأسه وأرسله إلى معاوية بن أبي سفيان بدمشق وطيف به وهو أوّل رأس طيف به في الإسلام.
صورة أخرى :
وجّه معاوية عمرو بن العاص في سنة ثمان وثلاثين إلى مصر في أربعة آلاف ، ومعاوية بن حديج ، وأبو الأعور السَّلمي ، واستعمل عمراً عليها حياته فالتقوا هم ومحمد بن أبي بكر وكان عامل عليّ عليها ، بالموضع المعروف بالمسنّاة فاقتتلوا حتى قُتل كنانة بن بشر ، وهرب عند ذلك محمد لإسلام أصحابه إيّاه وتركهم له ، فاختبأ عند رجل يُقال له : جبلة بن مسروق ، فدُلَّ عليه ، فجاء معاوية بن حُديج وأصحابه فأحاطوا به ، فخرج إليهم محمد بن أبي بكر فقاتل حتى قتل ، فأخذه معاوية بن حُديج وعمرو بن العاص فجعلوه في جلد حمار وأضرموه بالنار ، وذلك بموضع في مصر يقال له : كوم شريك. وقيل : إنّه فُعل به ذلك وبه شيءٌ من الحياة ، وبلغ معاوية
___________________________________
(١) المائدة : ٤٧.
(٢) تاريخ الطبري : ٦ / ٥٨ ـ ٦١ [ ٥ / ١٠١ ـ ١٠٥ حوادث سنة ٣٨ هـ ] ، الكامل لابن الأثير : ٣ / ١٥٤ [ ٢ / ٤١٣ حوادث سنة ٣٨ هـ ] ، تاريخ ابن كثير : ٧ / ٣١٣ ، ٣١٤ [ ٧ / ٣٤٨ ـ ٣٤٩ حوادث سنة ٣٨ هـ ] ، النجوم الزاهرة : ١ / ١١٠ ـ ١١١. ( المؤلف )