ذلك الحشد اللهام إلى عائشة الرافعة عقيرتها بين جماهير الصحابة : اقتلوا نعثلاً قتله الله فقد كفر. وأمثالها من الكلم القارصة (١). وإلى طلحة والزبير وكانا أشدّ الناس عليه ، وطلحة هو الذي منع عنه الماء في حصاره ، ومنع الناس عن تجهيزه ، ومنعه أن يُدفن إلّا في حشّ كوكب جبّانة اليهود. إلى فظائع مرَّ تفصيلها في الجزء التاسع ( ٩٢ ـ ١١٠ ) ، وقال الشهرستاني في الملل والنحل (٢) ( ص ٢٥ ) : كان أُمراء جنوده : معاوية عامل الشام ، وسعد بن ابي وقّاص عامل الكوفة ، وبعده الوليد بن عقبة ، وعبد الله بن عامر عامل البصرة ، وعبد الله بن أبي سرح عامل مصر ، وكلّهم خذلوه ورفضوه حتى أتى قدَره عليه.
نعم ؛ هؤلاء قتلوه لكنَّ معاوية لا يُريد المقاصّة إلّا من أولياء عليّ عليهالسلام فيستأصل شأفتهم تحت كلّ حَجر ومَدَر ، ويستسهل فيهم كلّ شقوة وقسوة ، وليس له مع أضداد عليّ عليهالسلام أيّ مقصد صحيح ، وإلّا فأيّ حرمة لدم أجمعت الصحابة على سفكه ؟ واحتجّت عليه بآي الذكر الحكيم كما مرّ تفصيله في الجزء التاسع ( ص ١٦٣ ـ ١٦٨ ، ٢٠٥ ) لو لم يكن اتّباع القوم بالصحابة والاحتجاج بما قالوا وعملوا واعتبارهم فيهم العدالة جميعاً تسري مع الميول والشهوات ، فيحتجّون بدعوى إجماعهم على خلافة أبي بكر ـ ولم يكن هنالك إجماع ـ ولا يحتجوّن به في قتل عثمان ، وقد ثبت فيه الإجماع.
وهَبْ أنّ محمد بن أبي بكر هو قاتل عثمان الوحيد من دون أيِّ حجّة ولا مبرّر له وهو المحكوم عليه بالقصاص ، وفي القصاص حياة ، فهل جاء في شريعة الإسلام قصاص كهذا بأن يُلقى المقتصّ به في جيفة حمار ثم يحرق بالنار ، ويُطاف برأسه في البلاد ؟ هل هذا دين الله الذي كان يدين به محمد بن أبي بكر ؟ أو دين هُبل إلٰه
___________________________________
(١) راجع ما مرّ في الجزء التاسع : ص ٧٨ ـ ٨٦. ( المؤلف )
(٢) الملل والنحل : ١ / ٣٢.