التكليف والوضع من التفصيل (١) ، فنقول وبالله الاستعانة : لا خلاف (٢) كما لا إشكال في اختلاف التكليف والوضع مفهوماً ،
______________________________________________________
(١) من اعتبار الاستصحاب في التكليف خاصة دون الوضع ، وقوله : «من التفصيل» بيان لـ «ما» الموصول.
(٢) ذكر المصنف قبل بيان ماهية الحكم الوضعي أموراً ثلاثة ، هذا أولها ، وحاصله : أن مفهوم التكليف يغاير مفهوم الوضع ، إذ المراد بالتكليف أحد الأحكام الخمسة وهي الوجوب والندب والحرمة والكراهة والإباحة ، والمراد بالوضع إيجاد صفة لشيء فعلاً كان أو غيره ، أو إمضاء الشارع لتلك الصفة كما سيظهر ، ومن المعلوم مباينة مفهوم الحكم التكليفي لمفهوم السببية وغيرها من الأحكام الوضعيّة.
وان شئت فقل : ان الحكم التكليفي عبارة عن الخطابات المتعلقة بأفعال العباد اقتضاء أو تخييراً أوّلاً وبالذات ، بحيث يصح حملها عليها بلا واسطة في العروض كقولنا : «الصلاة أو الزكاة واجبة» أو «شرب الماء مباح» أو «شرب الخمر حرام» بخلاف الحكم الوضعي ، فانه ليس كذلك ، بل قد يتعلق بفعل المكلف كقوله : «إتلاف مال الغير سبب للضمان» وقد لا يتعلق به ، كقوله : «الدلوك سبب لوجوب الصلاة».
وعليه فالتكليف والوضع متباينان مفهوماً. لكن النسبة بينهما بحسب المورد والمصداق هي العموم والخصوص من وجه ، لتصادقهما على مثل إتلاف مال الغير بدون إذنه ، وإفطار صوم شهر رمضان بدون عذر ، لصحة أن يقال : «الإتلاف حرام وسبب للضمان» و «الإفطار حرام وسبب لوجوب الكفارة» وكذا الغصب ، وكلبس الحرير للرجال في الصلاة ، فانهما موضوعان لحكمين مستقلين وهما الحرمة والمانعية. وتفارقهما في ضمان الصبي بدلَ ما أتلفه ، ووجوب الصلاة ، فان الضمان في الأول مستقر عليه بدون الحكم التكليفي فعلاً بوجوب الأداء ، والوجوب في الثاني حكم تكليفي بحت وان أمكن دعوى استلزامه للوضع بمعنى شغل الذّمّة ،