.................................................................................................
______________________________________________________
المتقابلين المستحيل.
هذا في السببية ، وكذا الحال في الشرطية والمانعية ، فان شرط التكليف ومانعة في رتبة متقدمة على المشروط والممنوع ، فالالتزام بانتزاعيتهما يقتضي تأخرهما ، وهو تأخر ما هو المتقدم ، وذلك باطل.
وأما بطلان القول الثاني المعزي إلى المشهور فلأن هذه الأمور لو كانت مجعولة بالاستقلال لزم الخلف ، إذ لو كانت السببية وأخواتها دائرة مدار الجعل المستقل فاللازم امتناع انتزاعها من غيرها ، مع وضوح بطلانه ، لصحة انتزاعها وان لم تنشأ السببية للدلوك مثلاً ، بل أُنشئ الوجوب للصلاة عند الدلوك بأن قال : «إذا زالت الشمس فصل» فان المنشأ هو الوجوب عند الدلوك ، ويصح انتزاع السببية من نفس هذا الإنشاء ، ولزم عدم صحة انتزاعها له ، ان لم يترتب وجوب الصلاة عليه وإن أُنشِئت السببية له.
وبعد وضوح بطلان هذين القولين يتعين المصير إلى كون منشأ انتزاع السببية وغيرها هي الخصوصية الذاتيّة القائمة بذات السبب والشرط ونحوهما من أجزاء العلة ، إذ لو لم تكن تلك الخصوصية الموجبة للربط الخاصّ بين السبب والمسبب المقتضي لتأثير السبب فيه لأثّر كل شيء في كل شيء ، كتأثير الماء في الإحراق والنار في التبريد ، ومن المعلوم فساده ، بداهة وجود الربط التكويني الخاصّ بين أجزاء العلة به تؤثر في المعلول ، ولو لا هذه العلقة اللزومية لزم اختصاص بعض الأسباب ببعض المسببات بلا مخصص ، وهو يرجع إلى التخصص بلا مخصص وإلى الترجح بلا مرجح ، وذلك محال.
وحيث ان المناط في السببية تلك الخصوصية الذاتيّة المقتضية للتأثير فلا يعقل تحققها بالإنشاء والجعل ، لعدم كونها من سنخ الاعتباريات المتقومة باعتبار من بيده الأمر ، فإنشاؤها لا يؤثِّر في وجود تلك الخصوصية تكويناً ، فقوله : «الدلوك سبب لوجوب الصلاة» لا يقتضي حدوث السببية له تعبداً ، لأن سببية شيء للتكليف