كالسببية (١) والشرطية (٢) والمانعية (٣) والرافعية (٤) لِما (٥) هو سبب التكليف وشرطه ومانعة ورافعه ، حيث إنه (٦) لا يكاد يعقل
______________________________________________________
لا تختلف عن سببية مثل النار للإحراق ، وشرطية شيء له لا تختلف عن شرطية مثل المجاورة والمحاذاة بين النار والمحترق بها ، ومانعية شيء له كمانعية الرطوبة عن الإحراق ، فهي أُمور تكوينية ، فكما لا يعقل صيرورة شيءٍ حجراً بمجرد الجعل والتشريع فكذا سببية مثل بلوغ المتعاقدين لتأثير العقد في إفادة ملكية الثمن والمثمن للبائع والمشتري لأجل خصوصية فيه يفقدها الصبي المميّز الّذي يقل سنه عن البلوغ بساعة مثلاً.
فالمتحصل : أن السببية لا تنتزع عن التكليف المترتب على موضوعه ، لتأخره عن السببية ، وإلّا يلزم تأثير المتأخر في المتقدم. وعليه فلا مجال للالتزام بما ذهب إليه الشيخ الأعظم من انتزاعها من التكليف ، كما لا تكون مجعولة بالاستقلال. فلا محيص عن الذهاب إلى كون منشأ انتزاع السببية ونحوها من أجزاء العلة هي الخصوصية الذاتيّة التي تكون ثابتة لها تكويناً بتبع تكوين نفس السبب والشرط وغيرهما كما لا يخفى.
(١) نظير الدلوك لوجوب الصلاة ، والحيازة لملكية المباح المحوز ، إذ لا فرق في السببية لحكم بين كونه تكليفياً ووضعياً.
(٢) نظير الاستطاعة الشرعية لوجوب الحج.
(٣) كالعجز المانع عن التكليف بالطهارة المائية.
(٤) كالمرض الطارئ على من تمكن من الحج مباشرة مع كون المرض مما لا يرجى زواله ، فانه رافع لوجوب الحج مباشرة وموجب للاستنابة ، وكأحد نواقض الوضوء الرافع لجواز الدخول في المشروط بالطهارة.
(٥) متعلق بالسببية وأخواتها.
(٦) الضمير للشأن ، وهذا شروع في إبطال احتمال كون السببية ونحوها منتزعة عن الحكم التكليفي لتكون مجعولة تشريعاً تبعاً كما ذهب إليه بعض ، وقد عرفت توضيحه بقولنا : «أما بطلان القول الأول فلأن لازمه تأثير ...».