.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
إذا عرفت ما ذكرناه تعرف أن ما أفاده المصنف (قده) ـ من انتزاع السببية من ذات السبب وكونها من خارج المحمول ـ لا يخلو من شيء ، لما أفيد من أنه خلط بين موضوعات التكاليف وملاكاتها ، فان الخصوصية التكوينية المقتضية لتشريع الحكم وان امتنع انتزاعها عن الحكم ، لتأخره عنها ، إلّا أنه ليس محل البحث ، إذا الكلام في سبب المجعول لا الجعل ، ومن المعلوم عدم ترتب الحكم على موضوعه إلّا بعد وجوده وفعليته ، ويكون تأخره عنه رتبيا لا زمانيا ، وهو بمنزلة المعلول في عدم انفكاكه عن العلة زمانا ، وحينئذ يكون منشأ انتزاع السببية ـ أعني الحكم ـ مقارنا لوجود الموضوع.
وأورد المحقق الأصفهاني على المصنف (قدهما) بعد نفي سببية الدلوك وكونه شرطا أو معدّا حقيقة ـ كما تقدم في بعض التعاليق ـ بما محصله : أن الشرط إما مصحح فاعلية الفاعل أو متمم قابلية القابل ، والشرطية إما أن تكون ما هوية كاستعداد طبيعة النار باستعداد ماهوي للإحراق إذا كانت محاذية للمحترق مع خلوه عن الرطوبة ولو لم يكن في العالم نار ولا إحراق. وإما تكوينية وهي ظرف وجود الشرط والمشروط خارجا كتحقق النار والوضع والمحاذاة ويبوسة المحل خارجا ، وكتحقق الصلاة عن طهارة ، حيث ينتزع عنوان الشرطية والمشروطية مما هو موجود بالذات. ولا كلام في هذين النحوين.
إنما الكلام في الجعل القائم بالشارع ، فالصلاة كما أنها مشروطة واقعا بالطهارة ، لدخلها في فاعلية الصلاة في النهي عن الفحشاء أو في قابلية النّفس للتأثر بأثرها ، كذلك لها شرطية أخرى حاصلة بتعلق الأمر بها بمثل «صل متطهرا» إذ لو لا دخلها في ذلك كان تقييد الطلب والبعث بها لغوا ، وأخذها كاشف عن دخلها في الغرض ، ومن المعلوم أن شرطية الطهارة للمطلوب بما هو مطلوب منوطة بتقيد الطلب وإناطة المطلوب بها ، إذ مع إطلاق الطلب لا تتصف الطهارة إلّا بالشرطية للغرض لا للمطلوب كما هو واضح ، هذا في الشرطية للواجب والمتعلق.