.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
ومن هنا يظهر اندفاع توهم كفاية اختراع الماهيات الشرعية وجعلها في اعتبار الجزئية ونحوها مما له دخل في تلك الماهيات ، حيث ان الجعل فيها مستلزم لتحقق وحدة تقع موضوعا للأمر ، فكل واحد من ذوات الأجزاء متصف بالجزئية بالقياس إلى الوحدة الاعتبارية الناشئة من قبل الجعل ، فلا حاجة إلى انتزاع عنوان الجزئية من الأمر المتعلق بالمتكثرات.
توضيح الاندفاع : أن معنى اختراع الماهيات هو تصورها ولحاظها بما هي مشتملة على مصلحة مهمة باعثة على الأمر ، ويكون كل واحد من تلك الأمور المتكثرة دخيلا في تحصلها ، وبهذه الملاحظة وان طرأ على الملحوظ وحدة ناشئة من قبل وحدة اللحاظ ، وبه يتصف كل واحد من الأجزاء بالجزئية للملحوظ ، لكنه ليس جزءا للمأمور به ، بل هو جزء للملحوظ وجزء محصِّل المصلحة. وأما الجزئية للمأمور به فتتوقف على الأمر المتعلق بالكل ، ومن المعلوم عدم كفاية مجرد اللحاظ في صحة اعتبار الجزئية ونحوها للمتكثرات بعنوان كونها أجزاء المأمور به ، بل لا بد من تعلق الأمر بالماهية حتى يتصف كل واحد من أجزائها بالجزئية للمكلف به ، فلو قال ألف مرة : «جعلت الشيء الفلاني جزءا» لم يصر جزءا للمأمور به ما لم يؤخذ في متعلق الأمر ، وبمجرد أخذه فيه يصح انتزاع الجزئية له ، ولا ترتفع إلّا برفع الأمر بالكل بنسخ الحكم الشرعي.
فالمتحصل : أن الجزئية للمأمور به وكذا الشرطية والمانعية والقاطعية له منتزعة عن الأمر المتعلق بعدة أمور متشتتة يجمعها غرض واحد ، مقيدة بأمر وجودي كالطهارة في الصلاة ، أو عدمي كعدم لبس الحرير وما لا يؤكل فيها.
وعليه فالقسم الثاني من الأحكام الوضعيّة لا يكون إلّا مجعولا بتبع الحكم التكليفي ، ولا جعل لها بالاستقلال ، لأن جزئية السورة مثلا لا تنتزع إلّا عن الأمر المتعلق بجملة أمور ، فبدون هذا الأمر لا تنتزع جزئيتها للمأمور به وان قال الشارع : «جعلت السورة جزءا للصلاة» لما عرفت من توقف جزئية شيء للمأمور به