كالحجية (١) والقضاوة (٢) والولاية (٣)
______________________________________________________
فيه الجعل استقلالا بإنشائه وتبعا للتكليف» فان الجزم بخصوص الجعل الاستقلالي ينافي عدّ جملة من الأحكام الوضعيّة قسما ثالثا وهو ما يتطرق فيه نحوان من الجعل.
قلت : لا منافاة بين الكلامين ، فان قوله هناك : «وان كان الصحيح انتزاعه من إنشائه وجعله ...» مما يدل على أن إمكان الانتزاع من التكليف مجرد احتمال لم يقم عليه دليل ، ومن المعلوم أن باب الاحتمال لا يسده قيام الدليل على الأصالة في الجعل. نعم كلامه هنا لا يخلو من تهافت مع مختاره في حاشية الرسائل حيث استقر رأيه على جواز كلا الجعلين ، فلاحظ.
(١) المراد بها ما يوجب انقطاع العذر عن العبد أو ما يصح احتجاجه به على المولى ، وذلك بجعل طريق له عند جهله بالواقع من خبر الثقة أو فتوى الفقيه ونحوهما. واختار الشيخ انتزاعها من نفس وجوب الجري على وفق الحجة ، وقد تقدم كلامه في أول بحث الأمارات ، واختار المصنف أنها مجعولة بالأصالة. ويمكن أن يكون الوجه فيه ما روي عن مولانا الإمام الحجة صلوات الله وسلامه عليه في الإرجاع إلى رواة الأحاديث بقوله : «فانهم حجتي عليكم» فان تعليله عليهالسلام لوجوب الرجوع إليهم بكونهم حجة يدل على أن حجية قولهم ليست منتزعة من إيجاب الرجوع إليهم ، لعدم صحة جعل معلول الحكم علة له ، فيدور الأمر بين كون التعليل إنشاءً للحجية بعد ما لم تكن مجعولة قبل ، وهو بعيد ، لأن تعليل وجوب الرجوع بأمر متأخر الثبوت لا يستقيم ، وبين الاخبار عن جعلها سابقا قبل إيجاب الرجوع إليهم ، ولا يتحقق إلّا بجعلها سابقا مستقلا.
(٢) وهي منصب فصل الخصومة ، فتنتزع من جعل نفس المنصب بمثل قوله عليه الصلاة والسلام : «فارضوا به حكما ، فاني قد جعلته عليكم حاكما» وأخرى من التكليف بأن يقال : «يا فلان افصل نزاع المترافعين».
(٣) كجعل الولاية الإلهية المطلقة لمولانا أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلين ، وكالولاية المجعولة على الصغير للأب ، والجد ، وعلى غيره لغيرهما.