.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
والحق أن يقال بعدم كونهما من الأحكام الوضعيّة مطلقا سواء أكانت الصحة بمعنى الخصوصية المترتبة على الشيء بحسب طبعه كصحة الفواكه كالرمان ، أم بمعنى التمامية كما هو المقصود بها في مسألة الصحيح والأعم. أما على المعنى الأول فلأن الخصوصيات الكامنة في الأشياء أمور تكوينية غير قابلة للجعل ، بل هي من دواعي الجعل وعلله ، فليست منتزعة عن الحكم الشرعي فضلا عن تعلق الجعل بها. وأما على المعنى الثاني فكذلك ، إذ المقصود بالتمامية موافقة المأتي به للمأمور به الأوّلي وواجديته لجميع ما له دخل فيه شطرا وشرطا ، ويقابلها مخالفته له ، ومن المعلوم أنهما أجنبيتان عن الحكم الوضعي ، لكونهما من أوصاف المأتي به ، لا من شئون المأمور به الداخلة في حيطة تصرف الشارع بما هو شارع. هذا في المأمور به الأوّلي.
وكذا الحال في المأمور به الثانوي أو الظاهري كالصلاة بالوضوء منكوسا أو بالمسح على الخف ، والصلوات العذرية المحرزة شرائطها بالأمارات الشرعية والأصول العملية كموارد قاعدة التجاوز والفراغ وحديث «لا تعاد» ونحو ذلك كالحكم بصحة صلاة من أجهر في موضع الإخفات جهلا وبالعكس ، فان غاية ما يمكن أن يقال في مجعولية الصحة بالأصالة في أمثالها هو كون الإجزاء حكم الشارع.
لكنه غير ظاهر ، ضرورة عدم تصرفه في مفهوم الصحة التي هي المطابقة ، وإنما الاختلاف في موضوع الانطباق ، فقد يكون ثابتا بالحكم الأوّلي ، فصحته انطباق المأمور به بذلك الأمر على المأتي به ، وقد يكون ثابتا بالحكم الثانوي. وهو إمّا بمعنى جعل البدل المسمى بالقناعة في مقام الامتثال ، وإما بتقييد الواقع ، وعلى كلا التقديرين يكون التصرف الشرعي في ناحية المأمور به ومتعلق الخطاب ، فتنتزع الصحة من مطابقة المأتي به مع ذلك المأمور به الثابت بدليل ثانوي ، كما ينتزع الفساد من عدمها.