.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
استقذارا واستنفارا.
وظاهر هذا الكلام أن النجاسة عين الحكم بوجوب الاجتناب ، وليس كذلك قطعا ، لأن النجاسة مما يتصف به الأجسام ، فلا دخل له في الأحكام. فالظاهر أن مراده أنها صفة انتزاعية من حكم الشارع بوجوب الاجتناب للاستقذار أو الاستنفار. وفيه : أن المستفاد من الكتاب والسنة أن النجاسة صفة متأصلة يتفرع عليها تلك الأحكام وهي القذارة التي ذكرناها ، لا أنها صفة منتزعة من أحكام تكليفية ، نظير الأحكام الوضعيّة المنتزعة منها كالشرطية والسببية والمانعية. ثم دعوى أن حكم الشارع بنجاسة الخمر لأجل التوصل إلى الفرار عنها ، ولتزيد نفرة الطباع عنها ليست بأولى من دعوى أن حكمه بوجوب التنفر عنها لأجل قذارة خاصة فيها ... إلخ».
وهذه العبارة وان كانت ظاهرة في كونهما أمرين واقعيين كشف عنهما الشارع ، لكنه (قده) في الرسائل في تعقيب كلام الفاضل التوني خالف ذلك ، ففي العبارة المتقدمة عنه في التوضيح جعل الطهارة والنجاسة مرددتين بين كونهما من الاعتبارات المنتزعة عن التكليف ومن الأمور الواقعية ، وفي موضع آخر قال في الرد على الفاضل : «وان كان ـ أي المستصحب ـ أمرا شرعيا كالطهارة والنجاسة فلا يخفى أن هذه الأمور الشرعية مسببة عن أسباب ...» وقال بعده بأسطر : «فهما اعتباران منتزعان من الحكم التكليفي».
وهذه الكلمات لا تخلو من تهافت مع ما أفاده في كتاب الطهارة ، ضرورة أن جعلهما تارة حكمين شرعيين وأخرى اعتبارين منتزعين من التكليف ينافى كونهما أمرين واقعيين كشف عنهما الشارع ، وحيث انه (قده) أحدث عهدا بكتاب الرسائل فلعله عدل عما اختاره في كتاب الطهارة الّذي حكي تأليفه في أوائل أمره. وعليه فالنسبة المزبورة على إطلاقها غير مستقيمة.
وكيف كان فقد أورد على ما أفاده الشيخ في كتاب الطهارة ـ من كون الطهارة والنجاسة من الأمور الواقعية دون المجعولات الشرعية ـ أولا : بأنه خلاف ظواهر