فلا استصحاب مع الغفلة ،
______________________________________________________
كاليقين والظن من صفات الإنسان الملتفت ، ولذا قيّد الشيخ (قده) في أول الرسائل المكلّف بالملتفت. ومن هنا يظهر أن موضوع الحكم الواقعي يخالف موضوع الحكم الظاهري ، لعدم تقيد الأول بالالتفات ، بخلاف الثاني ، فان قوامه بالالتفات الشكي ، وبدون الشك لا وجود للحكم الظاهري حقيقة.
نعم قد تكون الوظيفة المقررة في حال الجهل بالحكم أو الموضوع ـ أو في حال الغفلة ـ بالغة مرتبة الفعلية وان لم تصل إلى المكلف ولم تنجز عليه ، وذلك لكون الغرض من جعلها تعيين وظيفة الجاهل بالواقع وتبديل تكليفه بتكليف آخر ، ولم يؤخذ حيثية تنجيز الواقع والإعذار عنه في إنشائها ، وذلك مثل ما دل على صحة الصلاة بلا سورة حال الغفلة عنها ، فان الآتي بالصلاة الفاقدة للسورة غفلة قد أطاع ما هو المجعول في حقه واقعا حتى إذا لم يعلم بتشريع هذه الوظيفة الثانوية ، فيكون مستحقا للثواب ، لامتثاله للتكليف الفعلي وهو الصلاة الفاقدة للسورة التي هي وظيفة الغافل. وكذا في الإخفات في موضع الجهر وبالعكس ، والإتمام في موضع القصر.
وعليه فلا تناط فعلية هذا القسم من الوظائف المقررة للجاهل بوصولها ، لعدم كون الغرض من جعلها تنجيز الواقع ، بل هي وظائف لحاله الفعلي أعني حال الغفلة. وهذا بخلاف الأصول العملية ، إذ المقصود من تشريعها إما إيصال الواقع كما في الاحتياط الشرعي والاستصحاب المثبت للتكليف ، وإما الاعذار عنه كما في البراءة الشرعية والاستصحاب النافي للتكليف.
واتضح من هذه الأمور وجه اعتبار فعلية الشك واليقين في الاستصحاب كوضوح اعتبار فعلية الشك في سائر الأصول العملية ، بل ينبغي عدّه من القضايا التي قياساتها معها.
فالنتيجة : أنه مع الغفلة لا تحيّر في الحكم الواقعي ، لعدم الشك المتقوم بالالتفات ، فلا يجري فيه الاستصحاب الرافع للتحير ، فوجود الشك الفعلي ـ وكذا