.................................................................................................
______________________________________________________
في بقاء ما تيقن بحدوثه. وحيث كان الموضوع لهذا التعبد هو الثبوت الواقعي أمكن إحرازه بكل من اليقين والأمارة ، والحكم ببقائه ، إذ المفروض اقتضاء دليل التعبد الاستصحابي إيجاد الملازمة بين الحدوث والبقاء.
نعم يفترق هذا التلازم عن الملازمة الواقعية ـ التي اعتبرها الشارع بين القصر والإفطار ـ بكونه بين الثبوت الواقعي والبقاء الظاهري ، إذ ليس الاستصحاب دليلا على الحكم واقعا ، وإنما هو دليل على بقائه ظاهرا ، لأنه أصل عملي منوط بالشك. وهذا بخلاف الملازمة بين القصر والإفطار ، فان الدليل الاجتهادي قد دل على أن كل حكم ثبت للقصر ثبت للإفطار واقعا إلّا ما خرج بالنص ، فببركة دليل الملازمة على هذين الحكمين إذا ثبت وجوب القصر بالاستصحاب مثلا كان وجوب الإفطار ظاهريا أيضا (*).
__________________
(*) وبهذا يظهر غموض ما أورده بعض أعاظم العصر عليه بما محصله : أن الملازمة المدعاة بين الحدوث والبقاء ان كانت واقعية ، فهو مع مخالفته للواقع يقتضي كون الاستصحاب أمارة لا أصلا. وان كانت ظاهرية فيترتب عليها الملازمة الظاهرية بين حدوث التنجيز وبقائه ، مع أنه لا سبيل للالتزام به ، للنقض بموارد تنجز التكليف أولا بالعلم الإجمالي ثم ارتفاعه بانحلاله بقيام البينة على حرمة بعض الأطراف بخصوصه ، حيث يرتفع التنجيز ، لتبعيته للمنجّز حدوثا وبقاء ، ولا يكفي حدوثه لترتب أثره إلى الأبد. وعليه فلا ملازمة بين حدوث المنجز وبقائه (١).
وذلك لما عرفت من عدم إرادة الملازمة الواقعية كما في الإفطار والقصر ، بل المقصود دلالة أخبار الاستصحاب على الملازمة الظاهرية بين الحدوث الواقعي والبقاء الظاهري ، وأن ما ثبت واقعا محكوم عليه بالبقاء ظاهرا ، ومن المعلوم أن هذا البقاء مستند إلى دليل الاستصحاب لا الأمارة. وما أفاده (مد ظله) من
__________________
(١) مصباح الأصول ، ٣ ـ ٩٧ و ٩٨