بين الفردين ضائرا باستصحاب أحد الخاصّين اللذين كان أمره مرددا بينهما ، لإخلاله (١) باليقين الّذي هو أحد ركني الاستصحاب كما لا يخفى.
______________________________________________________
(١) أي : لإخلال التردد ، وهذا تعليل لكون التردد ضائرا باستصحاب أحد
__________________
وبهذا يظهر غموض ما عن المحقق النائيني (قده) من «عدم ورود الإشكال بناء على كون الكلي عين وجود الفرد خارجا. وأما بناء على كونه منتزعا من وجود فرده فقد يشكل استصحاب الكلي حينئذ ، لتبعية الأمر الانتزاعي لمنشإ انتزاعه تبعية المعلول لعلته ، ولا معنى لكون الفرد مقطوع الارتفاع أو معلوم البقاء وما ينتزع عنه مشكوك البقاء ، لأنه من التفكيك بين العلة ومعلولها المستحيل. لكن يجاب عنه بكفاية النّظر المسامحي العرفي الحاكم بوجود الكلي الطبيعي ، وهذا المقدار كاف في جريان الاستصحاب قطعا» (١) وذلك لما عرفت من اعتبار النّظر العرفي في خصوص مفاهيم الألفاظ الملقاة إليهم ، لا في تطبيقها على الموضوعات مسامحة كتسامحهم في إطلاق الكر على ما دون المقدر الشرعي بمثقال مثلا.
وبالجملة : فعلى ما ذكرنا يشكل الالتزام باستصحاب الكلي.
ولهذا سلك المحقق الأصفهاني (قده) لدفع الإشكال مسلكا آخر أثبت فيه بقاء الكلي عقلا وصحة استصحابه ، وذلك بتصور لحاظين لكل فرد من أفراد الطبيعة ، فطبيعي الإنسان المركب من النّفس والبدن يلاحظ تارة بذاته وأخرى يلاحظ حصة من هذا الطبيعي متعينة بتعينات الزيدية مثلا ، وبهذا اللحاظ الثاني يتحقق ركنا الاستصحاب في نفس الطبيعة من اليقين والشك ، فيجري ، وعليك بمراجعة كلامه للوقوف عليه ولم ننقله لطوله (٢).
ولكن الظاهر عدم اندفاع الإشكال به ، لأن ما أفاده لا يخرج الطبيعي عن القوة إلى الفعل مع الغض عن التعينات الفردية ، ولا يثبت الوجود الفعلي للجامع بين الفردين أو الأفراد ، فلاحظ ما أفاده متدبرا فيه.
__________________
(١) أجود التقريرات ، ٢ ـ ٣٩١
(٢) نهاية الدراية ٣ ـ ٧٢ و ٧٣